وذلك لورود الأخبار الصحيحة والمعتبرة فيها ، إذ لا معنى لهذه الأخبار ولا لصدورها غير ذلك.
وإليك خبر آخر في هذا السياق : أخرج علي بن إبراهيم القمي رضياللهعنه في تفسيره بسنده عن الرضا ، عن جده الباقر عليهالسلام في قوله : ( فِطْرَتَ اللَّهِ ألَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) فقال : هو لا إله إلاّ اللّه ، محمد رسول اللّه ، علي أمير المؤمنين ، إلى ها هنا التوحيد (١).
هذه الرواية لها دلالة واضحة على أنّ إقامة الدين لا تتم إلاّ بهذه الاصول الثلاثة ، كما أنّ التوحيد لا يمكن تحقّقه أفعاليا في الخارج ـ كما أراده اللّه ـ إلاّ من خلال هذه الشهادات الثلاث التي نصّت عليها الرواية.
لكن نتساءل : ما علاقة التوحيد بولاية علي؟ وكيف تكون ولاية عليّ هي نهاية التوحيد والمعنى المتمّم له ، مع أنّهما حقيقتان متغايرتان؟!
الجواب على ذلك : أنّهما حقيقتان دالّتان على أمرٍ واحد ، لأنّ ولاية الإمام علي والاقرار له بالولاية هو اقرار للّه بالتوحيد وللرسول بالرسالة ، إذ أنّ طاعة علي من طاعة اللّه ، ولا يوجد من تفسير وتوجيه للخبر الآنف إلاّ التزام الشعارية ، إذ المعني من الشعارية هنا هو الإقرار بعد الاعتقاد ، لأنّ المسلم وبعد أن اعتقد بوحدانية اللّه ورسالة النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وولاية علي ابن أبي طالب عليهالسلام عليه أن يحمد اللّه وأن يسبحه وأن يصلي على النبي وآله ، أي عليه أن يذكر اللّه ذكر قلب واعتقاد لا لقلقة لسان ، فالاذكار والتسبيحات هي أقرار بالمعتقد الذي آمن به.
والرواية السابقة من هذا القبيل وهي تشير إلى ان فطرة اللّه التي فطر الناس عليها ما هي إلاّ الشهادات الثلاث ، وما على المؤمن إلاّ ان يتوجه إليها من خلال الذكر والصلاة والتسبيح ، لأنّ الاقرار اليومي بتلك الاصول هي بمثابة تثبيت
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٥٥.