بالشعارية ، وهو المعنيُّ بالنداء والإشهاد والشعارية ، إذ ما يعني أمر اللّه بالمناداة لو لم يكن ما قلناه ، ولماذا يشهد بها الملائكة أمام الخلائق أجمعين ، لو لم تكن العلامة الوحيدة لمعرفة اللّه ورسوله؟
وعلى غرار الروايات الآنفة آية البلاغ في قوله سبحانه : ( بَلِّغْ ) والتي تنطوي على معنى الشعارية كذلك ؛ إذ الملاحظ أنّ القرآن قد وصف وظيفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالبيان والتبيين كما في قوله تعالى : ( لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهُمْ ) ، لكن لمّا وصلت النوبة إلى إعلان ولاية علي عليهالسلام قال سبحانه وتعالى ( بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِنّ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) (١) ، ولم يقل بيّن. ولا يخفى عليك بأن معنى الشعارية منطوية في كلمة ( بَلِّغْ ) اكثر وأعمق من لفظة : ( لِتُبَيِّنَ ) ، إذ البيان للعقيدة والتشريع قد فعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للناس ونشره للأمّة على أحسن وجه ، ولم يبق إلاّ التأكيد على المعنى المطوي في لفظ ( بَلِّغْ ) وهو إعلانه أنّ عليا وليّ اللّه ووليّ رسوله ، وأنّه الشعار والنور الذي تهتدي به الأمّة من خلاله.
لنأخذ دليلاً آخر على الشعارية من القرآن ، وهو في سورة المائدة ـ بعد أن ذكر الكافرين وأهل الكتاب ـ مخاطبا المؤمنين بقوله : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ ألَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ ألْغَالِبُونَ * يَا أيُّهَا ألَّذِينَ ءامَنُوا لاَ تَتَّخِذُواْ ألَّذِينَ أتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوا وَلَعِبا مِّنَ ألَّذِينَ أُوتُواْ ألْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أوْلِيَآءَ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ أتَّخَذُوهَا هُزُوا وَلَعِبا ذَلِكَ بِأَ نَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ ) (٢).
فالآية الأُولى نزلت في الإمام عليّ حين تصدّق بخاتمه وهو راكع ، وهي
__________________
(١) المائدة : ٦٧.
(٢) المائدة : ٥٥ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٥٨.