إذ أنّ الإشهاد والإقرار والإظهار وما يماثلها تحمل مفاهيم أكثر من المحبوبية ، بل حتّى لو قلنا بأنّها بيان للفضائل ، فبيان الفضائل بهذا النحو هو مقدمة للأخذ بأقوال هؤلاء المعصومين ، لأ نّهم معالم الدين وأعلامه.
وعليه فذكر الفضائل فيه طريقية للانقياد لهم ورفع ذكرهم ، لكن الأمة لم تعمل بوصايا الرسول وانكرت مكانة أهل البيت الذين اقرهم اللّه فيها وقد عاتب الإمام علي عليهالسلام الناس بقوله : أَلا وإنّكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة ، وثلمتم حصن اللّه ـ المضروب عليكم ـ بأحكام الجاهلية ، فإن اللّه سبحانه قد امتنَّ على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي ينتقلون في ظلها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأ نّها أرجح من كلّ ثمن ، وأجلّ من كلّ خطر ... إلى أن يقول : أَلاَ وقد قطعتم قيد الإسـلام وعطّلتم حدوده وأمتّم أحكامه ... (١)
وقال علي بن الحسين عليهماالسلام : إلى من يفزع خلف هذه الأمة ، وقد درست أعلام الملّة ، ودانت الأمة بالفرقة والاختلاف ، يكفّر بعضهم بعضا .. فمن الموثوق به على ابلاغ الحجّة؟ وتأويل الحكمة؟ إلاّ أهل الكتاب وأبناء ائمة الهدى ، ومصابيح الدجى ، الذين احتجّ اللّه بهم على عباده ، ولم يدع الخلق سدىً من غير حجة.
هل تعرفونهم أو تجدونهم إلاّ من فروع الشجرة المباركة ، وبقايا الصفوة الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وبرّأهم من الآفات ، وافترض مودّتهم في الكتاب (٢).
إذن لا يوجد طريق علمي وشرعي لقراءة مثل هذه النصوص إلاّ القول
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ : ١٥٤ ـ ١٥٦ / من خطبة له عليهالسلام تسمى القاصعة.
(٢) كشف الغمة ٢ : ٣١٠ ، الصحيفة السجادية : ٥٢٤ / الرقم ٢١٩ من دعاوه عليهالسلام وندبته اذ تلا هذه الآية : ( يَا أيُّهَا ألَّذِينَ ءَامَنُواْ أتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ).