للجيران من الفقراء ... (١).
وبهذا فقد اتّضح لنا معنى الحيعلتين الأُوليين ، فالحيعلة الأُولى فيها إشارة إلى طاعة اللّه ، والحيعلة الثانية إشارة إلى لزوم اتّباع سنة رسوله ، فما معنى الحيعلة الثالثة إذن؟
مرّ عليك سابقا ما جاء عن الأئمة : الباقر والصادق والكاظم بأنّ معناها الولاية ، وأنَّ هناك ارتباطا وثيقا بين القول بإمامة الإمام علي والقول بشرعية الحيعلة الثالثة ، وبين رفض إمامة أمير المؤمنين والقول برفع الحيعلة ، بل هناك ترابط بين حذف الحيعلة ووضع « الصلاة خير من النوم » مكانه ، فالذي يقول بشرعية « الصلاة خير من النوم » لا يرتضي القول بالحيعلة الثالثة ، والعكس بالعكس.
وعليه فالمنظومة المعرفيّة في الأذان مترابطة كمال الارتباط ، وإنّ بَتْرَ حلقة منها يخلّ بأصل المنظومة ، وذلك للارتباط الوثيق بين الشهادات الثلاث ( أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي ألاْءَمْرِ مِنكُمْ ) (٢) ، و ( أنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ألْقُرْبَى ) (٣) ، و ( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وِالْمُؤمِنُونَ ) (٤).
نعم ، إنّ المشرع فيما هو محتمل ـ ولظروف التقية ـ اكتفى بالبيان الكنائي للولاية في الحيعلة الثالثة مع الإشارة إلى وجود الأهليّة والملاك لتشريعها كشهادة ثالثة وان لم تشرّع على أنّها جزء بعد الشهادتين رحمة للعالمين. أو قل : شرعت في اللوح المحفوظ ولم تصلنا لأي سبب كان ؛ التقية أو غيرها.
ومن هذا المجموع المنظّم نصل إلى أنّ أصول الإسلام بكامله متجسدة في
__________________
(١) صفات الشيعة ، للصدوق : ١٢ ، والكافي ٢ : ٧٤ / باب الطاعة والتقوى / ح ٣.
(٢) النساء : ٥٩.
(٣) الانفال: ٤١.
(٤) التوبة : ١٠٥.