الأذان ، وإنّ تكرار الحيعلات توحي لنا بأنّ المراد من الأذان هو بيان كلّيات العقيدة ، إذ النظرة البدوية الأوليّة تنبئُ عن أنّها دعوة للصلاة ، ولكن بما بيّنّاه عرفنا أنّ الأمر أسمى من ذلك بكثير ، وهو إشارة إلى الأصول الأساسية في الشريعة من التوحيد والنبوة والإمامة ـ بنظر الإمامية ـ ومن هنا تعرف معنى قول المعصوم : « إلى ها هنا التوحيد ».
إذن في الأذان معاني ومفاهيم كثيرة سامية تَلْحَظ بين أجزائها ارتباطا فكريا عقائديا منسجما يتكون من مجموع الشهادات الثلاث ، أما الشهادتان الاولى والثانية فلا كلام فيهما ، وأما الشهادة الثالثة ، فلما مر في الدليل الكنائي وأنّ الإمام اراد حث عليها ودعا إليها بعامة ، وفي الأذان بخاصة.
وهذا هو الذي دعانا للقول بأنّ هناك مناطا صحيحا لذكر الولاية في الأذان من باب الشعارية.
وقد مرّ في اخر الدليل الكنائي مطلوبية الإتيان بالشهادة الثالثة ـ خصوصا في هذه الأزمنة ـ مع اقرارنا بوجود معنى الولاية في الأذان من خلال جملة « حيّ على خير العمل » ولو احببت راجع (١).
قبل البحث في هذه المسألة لابد من القول بأنّ دعوى المصلحة لتأسيس حكم شرعي ليست صالحة في كل الفروض ؛ فما لم يُقطع بوجود المصلحة قطعا حقيقيا أو تعبديا لا يجوز تأسيس حكم عليها ونسبته إلى الشارع ؛ لأ نّه حينئذ من التشريع المحرّم الذي يدور مدار الظنّ الذي لا يغني من الحق شيئا ؛ وعلى هذا الأساس رفض مذهبنا العمل بالاستحسان ، وكذلك الشافعي في قوله : « من
__________________
(١) صفحة ٢٢٣.