فكلنا يعلم بأنّ النبي جمع كل المسلمين ممّن حضر معه صلىاللهعليهوآلهوسلم حجّة الوداع أثناء عودته إلى المدينة وهم ٠٠٠ ,١٢٠ ألفا ، ثمّ رفع يد علي بن أبي طالب حتى بان بياض إبطيهما صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان الجوّ حارا قاسيا ثم قال : « ألست أولى بكم من أنفسكم »؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله » (١).
وهنا نتساءل : ما معنى أن يجمع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المسلمين لإخبارهم بذلك؟ ولماذا يرفع بضُبْع علي بن أبي طالب حتى يبين بياض إبطيهما عليهالسلام؟
أما كان له صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينتظر حتى يصل المدينة ويخبرهم بذلك بدل أن يجمعهم في ذلك الجوّ القاسي؟ وعدا هذا وذاك ما معنى أن تنزل آية قبل وصوله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الغدير تتوعّد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إن لم يبلّغ ويعلن ويُشْهِدْ بولاية عليّ فإنّه ما بلّغ الرسالة التي ناءَ بكاهلها ثلاث وعشرين سنة؟ إذ ما معنى حصر نزول قوله تعالى : ( يَا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنَ رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (٢) بالتبليغ بولاية علي إعلانا وإشهادا بمحضر كلّ من كان مع النبي آنذاك؟
وما معنى نزول قوله تعالى : ( ألْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا ) (٣) بمجرّد أن بلّغ النبي المسلمين بولاية علي في
__________________
(١) مناقب الكوفي ٢ : ٤١٥ / ح ٨٩٦ ، وروى المقدسي حديث الولاية هذا بطرق عدة وباسانيد صحيحة وبعضها حسنة ، انظر الأحاديث المختارة ٢ : ٨٧ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ٧٤ / ح ٣٨١ ، ٤٧٩ ، ٤٨٠ ، ٤٨١ ، ٥٥٣ ، و ٣ : ١٣٩ ، ١٥١ ، ٢٠٧ ، ٢٧٤/ ح ٩٣٧ ، ٩٤٨ ، ١٠٠٨ ، ١٠٧٨. ورواه الحاكم بسبعة طرق انظر المستدرك ٣ : ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٦ : ١٤٣ ، ٤١٩ ، ٦١٣ وصحّح الذهبي في ملخصه منها اثنان وسكت عن ثلاثة وضعف اثنان.
(٢) المائدة : ٦٧.
(٣) المائدة : ٣.