وتقريب ذلك : أنّ الأذان اُصوله معروفة ، وأجزاؤه معدودة معينة ، وروايات الأذان التي عليها العمل وإن اختلفت في عدد الفصول ـ كما ذكر الشيخ الطوسي ـ إلاّ أنّها متّفقة على عدم دخول الشهادة الثالثة في أجزائه ، وإذا كان الأمر كذلك ـ وهو كذلك ـ لم يبق من مسوّغ للإتيان بها إلاّ المصلحة الظنية ، وهو باطل ؛ لما عرفنا من أنّ كلّ هذه العملية تدور مدار الظن غير الشرعي الذي لا يغني من الحقّ شيئا. وبناء على ذلك لا يجوز ذكر الشهادة الثالثة في الأذان!!
ويجاب عن ذلك بأنّ أصل الإشكال صحيح ، لكنّه مجمل ، إذ لم يفرق الإشكال بين الذكرين الشّعاري والماهويّ ، ومعنى ذلك أنّ الإدخال الماهوي قد قام على أساس المصلحة فيه ، ويكفي أنّها ظنّية لتندرج فيما هو محرم ؛ إذ ليست المصلحة هنا ناهضة لتشريع جزئية الشهادة الثالثة في الأذان وأنّها داخلة في ماهيته ، وحتى مَن استقرب الجزئية من الأصحاب لم يقبل بنهوض هذه المصلحة للقول بالجزئية إلاّ أن يستدل على ذلك بشيء آخر غير المصلحة كالأخبار وغيرها ، وهو أيضا غير مقبول كما مرّ من قبل.
فتحصل أنّ دعوى وجود المصلحة في تشريع الشهادة الثالثة في الأذان على أنّها جزء منه وداخلة في ماهيته من الباطل بمكان ؛ إذ لم يدّع أحد من الأصحاب ذلك اكتفاءً بالمصلحة الظنية ، وقد يكفي هذا للقول بالبطلان.
إذا تمّ هذا نقول : هل تعدم المصلحة في ذكر الشهادة الثالثة ذكرا شعاريا؟
وهل أنّ التشريع الشعاري يقوم على أساس الاستحسان والمصالح المرسلة والرأي المحرَّم على غرار التشريع الماهوي آنف الذكر أَم لا؟
وقبل ذلك ما هي الأدلّة على وجود المصلحة الشعارية في الأذان للشهادة بالولاية؟
للجواب عن السؤال الثالث نقول : حسبنا الأدلة الصحيحة المارة ، بل حسبنا حديث الغدير النبوي الظاهر في وجود المصلحة الشعارية للشهادة بالولاية ؛