التبليغ بالولاية انطلاقا من وجود المصلحة من أعظم الأعمال وأشرف الطاعات.
مع ملاحظة أنّ التأسي بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما نحن فيه إنّما هو التأسي الشعاري بدليل وجود المصلحة المقطوع بها ، على ما تبيّن من محبوبية الإعلان والتبليغ والإشهاد بالولاية ، وليس هو التأسي به صلىاللهعليهوآلهوسلم في الأحكام والماهيّات العبادية المنصوص عليها بأدلّة خاصّة ؛ إذ يكفي لإثبات التأسي الشعاري أمثال نص الغدير ، وموثّقة سنان بن طريف ، وحسنة ابن أبي عمير ، وأضراب ذلك من الروايات.
وبهذا يندفع الإشكال القائل : بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يؤذّن بالشهادة الثالثة في الأذان ، فعلينا التأسـي به صلىاللهعليهوآلهوسلم وترك الشهادة الثالثة في الأذان!!
نعم ، هذا صحيح إذا أتينا بالشهادة الثالثة في الأذان على نحو الجزئية فلكم القول بلزوم تركه تأسّيا برسول اللّه ، أمّا فيما نحن فيه فإنّا نتأسى بالرسول شعاريا لأ نّه اكد عليها واجازها وإن لم يأت بها ، فلا ينبغي خلط هذا بذاك.
أضف إلى ذلك ما قد ثبت في النصوص الصحيحة التي رواها الفريقان من أنّ النبي كان لا يأتي ببعض المباحات بل ببعض المستحبات خوفا على الأ مّة من الفتنة أو خوفا من أن يؤاخذ اللّه الأ مّة بذلك ، فعلى سبيل المثال ترك النبي صلاة نافلة شهر رمضان في مسجده الشريف خوفا عليهم من أن تفرض ، ومن هذا القبيل ما مر عليك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لولا قومك حديثو عهد بالجاهلية. فقد ترك صلىاللهعليهوآلهوسلم ارجاع مقام إبراهيم إلى البيت خوفا من الاختلاف وعدم قبولهم حكمه.
والحاصل : فكما أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بلّغ بولاية علي وإمامته يوم غدير خمّ ، وترك النصّ عليها في رزيّة يوم الخميس خوفا على الأ مّة من الهلاك والسقوط ، فهذا بعينه يجري فيما نحن فيه حذو القذة بالقذة ؛ فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أشهد الصحابة في غدير خمّ بولاية عليّ وأعلن عنها وبلغ بها ، لكنّه لم يؤذِّن بها شعاريّا لنفس المانع من النص بها في رزية يوم الخميس ، لأ نّه لو أذّن بها لاستظهر منها الوجوب ، وعدم عملهم يدعو إلى الهلاك والسقوط ، وقد استمرّ عدم تأذين الأئمة لنفس الشروط