والظروف والأسباب ، فالأئمة وقبلهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم اكتفوا بالتأكيد على ولاية علي وأنّها شعار يجب الأخذ به في كلّ الأمور.
وبهذا يتضح جواب إشكال القائل بضرورة التأسي بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما لم يفعله ؛ أي أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يؤذّن بالشهادة الثالثة وينبغي على المسلمين اتّباعه ؛ ولنضيف على ذلك امورا اخرى :
أولاً : بأ نّه ليس كلّ ما ترك فعله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان واجبَ الترك ؛ فهناك ما هو جائز الترك أيضا ، وما كان كذلك يجوز الإتيان به ؛ لأنّ سبيله سبيل المباحات كما هو معلوم ، والأمثلة على ذلك لا تحصى ، ولقد تقدّم أنّ النبي ترك التنفّل جماعةُ في بعض ليالي شهر رمضان كما في صحيح البخاري خشيةً على الأمة من الهلاك ، وليس معنى ذلك إسقاط النافلة من التشريع بالإجماع.
وثانيا : إنّ ترك النبي للشهادة الثالثة في الأذان تجري مجرى العلّة التي دفعت به صلىاللهعليهوآلهوسلم لأن لا يكتب كتابه في عليّ في رزية يوم الخميس ، إذ نص صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : « قوموا عنّي ولا ينبغي عندي التنازع » ، وهي خاصة بشأنه المقدس فيما يلوح من النص « عندي التنازع ».
وكلّنا يعلم بأنّ النبي قد ترك قتل من حاول اغتياله ليلة العقبة خوفا على الأمة من الهلاك ، مع أنّ الشرع جازم باستحقاقهم القتل ، وكذلك الفرار من الزحف في يوم أحد ؛ فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ترك معاقبتهم ؛ مع أنّهم يستحقونها بالإجماع ، وعلة الترك هي الحفاظ على بيضة الدين ، ترك الإتيان بهذا مع التنبيه على أنّ سكوته حجّة في التأسي به في عدم التأذين بالشهادة الثالثة من باب أنّها جزء فقط ، أمّا غير ذلك فلا ، أي ان سكوته وتركه لها ينفي جزئيتها لا مشروعيتها ومحبوبيتها ، كما سيتوضح في النقطة الاتية.
وثالثا : لا يستقيم الإشكال من الأساس ؛ فليس معيار التأسي بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه ترك العمل بشعارية الشهادة الثالثة في خصوص الأذان ؛ ولا أنّه ترك التبليغ بولاية علي