قال : تعين مولاي هذا بدفع كتبه ، ففكرّت وأنا في صحن الدار أمشي ، فقلت : هذا حجة اللّه على خلقه ، يكتب إلى أبي أيّوب الجزري ، وفلان ، وفلان يسألهم حوائجه!! فلمّا صرنا إلى باب الدار صاح بي : يا سليمان ، ارجِعْ أنت وحدك ، فرجعت ، فقال : كتبت إليهم لأخبرهم أنّي عبدٌ ولي إليهم حاجة (١).
وفي كشف الغمة : عن أيوب ، قال : قال فتح بن يزيد الجرجاني : ضمّني وأبا الحسن [ الهادي عليهالسلام ] الطريقُ منصرَفي من مكّة إلى خراسان ، وهو صائر إلى العراق ـ والحديث طويل نقتطف منه بعض إخبارات الإمام لفتح عمّا يختلج في صدره ـ فقال عليهالسلام : ... وأمّا الذي أختلج في صدرك فإن شاءَ العالمُ أنباك ، إنّ اللّه لم يظهر على غيبه أحدا إلاّ من ارتضى من رسول ، فكُلُّ ما كان عند الرسولِ كان عند العالم ، وكلُّ ما اطلَّع عليه الرسولُ فقد أَطْلَعَ أوصياءَهُ عليه ، لئلاّ تخلو أرضه من حُجّة ، يكون معه علم يدلُّ على صدق مقالته ، وجواز عدالته.
يا فتح ، عسى الشيطان أراد اللبس عليك ، فأوهمك في بعض ما أودعتك ، وشكّك في بعض ما أنبأتك حتى أراد إزالتك عن طريق اللّه وصراطه المستقيم ... معاذ اللّه ، إنّهم مخلوقون مربوبون للّه ؛ مطيعون ، داخرون راغبون ، فإذا جاءك الشيطان من قِبَلِ ما جاءك فاقمعه بما أنباتك به.
فقلت له : جعلت فداك فرّجت عني ، وكشفت ما لبّس الملعونُ عَلَيَّ بشرحك ، فقد كان أوقع في خَلَدي أنّكم أرباب.
قال : فسجد أبو الحسن وهو يقول في سجوده : راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا.
قال : فلم يزل كذلك حتى ذهب ليلي.
ثم قال : يا فتح ، كدتَ أن تَهْلِكَ وتُهْلِكَ ، وما ضرَّ عيسى عليهالسلام إذا هلك من هلك ، فاذهب إذا شئت رحمك اللّه.
__________________
(١) الخرائج والجرائح ٣ : ٦٣٩ / ح ٤٤ وعنه في بحار الأنوار ٤٧ : ١٠٧ / ح ١٣٧ والمتن منه.