قال : فخرجت وأنا فرح بما كشف اللّه عنّي من اللبس ، بأ نّهم هم ؛ وحمدت اللّه على ما قدرت عليه ، فلمّا كان في المنزل الآخر دخلت عليه وهو مُتَّكٍ وبين يديه حنطة مقلوّة يعبث بها ، وقد كان أوقع الشيطان في خَلَدِي أنّه لا ينبغي أن يأكلوا ويشـربوا إذ كان ذلك آفة ، والإمامُ غيرُ مَؤُوفٍ (١) ، فقال : اجلس يا فتح ، فإنّ لنا بالرسل أسوة ، كانوا يأكلون ويشربون ويمشون في الأسواق ، وكلُّ جسم مَغْذُوٌّ بهذا إلاّ الخالق الرازق .. والحديث طو يل (٢).
وعن ابن المغيرة ، قال : كنت عند أبي الحسن عليهالسلام أنا ويحيى بن عبداللّه بن الحسن عليهالسلام ، فقال يحيى : جعلت فداك ، إنّهم يزعمون أنّك تعلم الغيب ، فقال : سبحان اللّه ، ضع يدك على رأسي ، فواللّه ما بقيت في جسدي شعرة ولا في رأسي إلاّ قامت ، قال : ثمّ قال : لا واللّه ما هي إلاّ رواية عن رسول اللّه (٣).
وعن سدير ، قال : قلت لأبي عبداللّه : إنّ قوما يزعمون أنّكم آلهةٌ ... قال : يا سدير ، سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء بُراءٌ ، برئَ اللّه منهم ورسوله ، ما هؤلاء على ديني ودين آبائي ، واللّه لا يجمعني اللّه وإيّاهم يوم القيامة إلاّ وهو عليهم ساخط.
قال : قلت : فما أنتم جعلت فداك؟
قال : خزّان علم اللّه ، وتراجمةُ وحي اللّه ، ونحن قوم معصومون ، أمر اللّه بطاعتنا ، ونهى عن معصيتنا ، نحن الحجّة البالغة على من دون السماء وفوق الأرض (٤).
وعليه ، فإنّ مسألة وجود الغلوّ والغلاة والتفويض والمفوّضة كانت موجودة
__________________
(١) أي لا يصاب بآفة.
(٢) كشف الغمة ٣ : ١٧٩ ـ ١٨٢ ، وعنه في بحار الأنوار ٥٠ : ١٧٧ / الرقم ٥٦.
(٣) انظر رجال الكشي ٢ : ٥٨٧ / ٥٣٠.
(٤) انظر رجال الكشي ٢ : ٥٩٤ / ٥٥١.