وقبيح أو جميل ، وسخيّ أو بخيل ، وشقي أو سعيد ، ومن يكون في النار حطبا ، أو في الجنان للنبيين مرافقا ، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلاّ اللّه ، وما سوى ذلك فعلم عَلَّمهُ اللّه نبيَّهُ فعلَّمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري ، وتضطَّم عليه جوانحي (١).
وقد أكّد نبيّ اللّه هود لقومه بأ نّه ليس عنده خزائن اللّه ولا يعلم الغيب ولا يقول أنّه ملك ، كما في قوله تعالى : ( وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ ) (٢).
وقد قال عيسى لقومه : ( أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرَا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الاْءَ كْمَهَ وَالأبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (٣).
فإذا كان بين البشر من يطلعه اللّه على الغيب ، ويحيي الموتى ويُبرئُ الأكمه بإذنه ، فهو إعلام من اللّه للناس بذلك ، وفضل منه إليه ، فلا غرابة أن يكلّم النبيُّ أو الإمامُ الحيوانات بفضل اللّه كما في نبي اللّه سليمان عليهالسلام.
وما جاء في الكشي عن الفضل بن شاذان (٤) من أنّه كان ينكر علم الإمام بضمائر الناس وتكلّمه مع الحيوانات بلغاتهم وغيرها ، إنّما كان إنكارهم لعلمهم بتلك الأمور على نحو الاستقلال لا من باب اللُّطف والفضل ، فإنّ هذا ممّا لا يمكن لأحد إنكاره.
وعليه فلا يستبعد أن يكون هؤلاء الأئمّة هم الذين يحيون الموتى ويطّلعون
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ : ١١ ، من كلام له عليهالسلام فيما يخبر به من الملاحم بالبصرة ، وعنه في بحار الانوار ٢٦ : ١٠٣ / ح ٦ ، و ٣٢ : ٢٥٠ ، و ٤١ : ٣٣٥.
(٢) هود : ٣١.
(٣) آل عمران : ٤٩.
(٤) الكشي ٢ : ٨١٨ / الرقم ١٠٢٦ ، انظر بحار الانوار / الباب ١٦ وانهم يعلمون منطق الطير والبهائم وقارنه بما قاله الدكتور حسين المدرسي في ( تطور المباني الفكرية للتشيع ).