بعض البلاد ، أو بعض المذاهب ، بأنْ لا يُؤخذ بتلك الجروح إلاّ بعد أن ينقّح الأمر في ذلك الجرح ، كجرح الذّهبي وابن تيمية لكثير من الصوفية وأولياء الأمة (١) ، أو مبالغة الذهبي في نقد الأشاعرة ، والدارقطني والخطيب البغدادي في جرحهما أبا حنيفة وأصحابه.
فالواجب على العالم أن لا يبادر إلى قبول أقوالهم بدون تنقيحها ، ومن قلّدهم من دون الانتقاد ، ضَلَّ وأوقع العوامَّ في الفساد (٢).
ومن هنا نقف على قيمة الطعون العامة الصادرة من الاطراف المشددة ، فلا يمكن الاعتماد عليها لأ نّها نصوص متطرفة.
قال الشيخ الصدوق في اعتقاداته : وعلامة المفوِّضة والغلاة وأصنافهم نسبتهم مشايخ قمّ وعلمائهم إلى القول بالتقصير (٣).
وقد علّق الشيخ المفيد البغدادي في شرح عقائد الصدوق بقوله : وأمّا نصّ أبي جعفر رحمهالله بالغلوّ على مَن نَسَبَ مشايخ القميين وعُلماءهم إلى التقصير ، فليس نسبةُ هؤلاء القوم إلى التقصير علامةً على غلوّ الناس ، إذ في جملة المشار إليهم بالشيخوخة والعلم من كان مقصرّا ، وانّما يجب الحكم بالغلوّ على من نسب المحقِّقين إلى التقصير ، سواء كانوا من أهل قمّ أو من غيرها من البلاد وسائر الناس.
وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمّد بن الحسن بن الوليد رحمهالله لم نجد لها دافعا في التقصير ، وهي ما حكي [ عنه ] أنّه قال : أوّل درجة في الغلوّ نفيُ السهوِ عن النبيّ والإمام.
__________________
(١) اليواقيت والجواهر ١ : ٨.
(٢) انظر علم رجال الحديث للدكتور تقي الدين الندوي المظاهري : ١١٨ ، وانظر كذلك طبقات الشافعية الكبرى ١ : ١٩٠.
(٣) اعتقادات الصدوق : ١٠١.