وجود المعارض.
نعم ؛ القدماء الموجودون قبل زمان المحمّدين الثلاثة ربّما كانوا يحتاجون إلى معرفة حال الرواة ، لعدم انحصار الروايات حينئذ في المدوّنة ، ولم يكن الجميع منقّدا منسوبا إلى الثقاة ، بل كان متحمّلوا الروايات موجودين غالبا ، فكثيرا ما كانوا يحتاجون إليه.
والحاصل ؛ أنّ مقصودهم كان تحصيل القرينة والظنّ بصدق الخبر ، وكان حال الراوي أحد طرق الظنّ .. ثمّ لحق بهم قوم من القدماء وتكلّموا في شرائط العمل بالحديث من حيث هو حديث ، ولم يقصدوا أنّ ذلك لازم مطلقا حتّى في خبر يظنّ صدقه من قرينة اخرى.
ثمّ المتأخّرون عنهم الموجودون في زمان انقراض الرواة والكتب المجهولة أربابها رأوا طريقة القدماء في النظر إلى الرواة ، ولا حظوا كتب القوم وزبرهم ، ورأوا أنّهم ذكروا للخبر شرائط ، فزعموا أنّ ذلك في كلّ خبر وأيّ رواية ، ولم يتفطّنوا بأنّ مدارهم على الظنّ لا القطع ، وهو حاصل في الكتب المعتمدة ، كما عرفت.
هذا أحد الوجوه التي لفّقوها الجماعة المتقدّم ذكرهم لإثبات الغناء عن علم الرجال مع اختلافهم في التعبير.
فمنهم : من جعل ما ذكر برهانا لقطعيّة صدور أخبار الكتب الأربعة.
ومنهم : من جعله بعينه حجّة لظنّية صدورها.