__________________
وجاء في حاشية التوضيح للشيخ جعفر ما نصّه : .. والفرق بينه [أي : علم الرجال] وبين علم الدراية ، أنّ هذا العلم في بيان أحوال الجزئيات [كذا ، ظاهرا] الشخصية من الرواة ، ولذا قد يقال في تعداده في عداد العلوم ليس كما ينبغي ، إذ العلوم الحقيقية ما يستفاد منها قواعد كلية يقتدر بها على معرفة الجزئيات الغير المحصورة ويحتاج إلى النظر وإعمال القوة ، وليس هذا العلم بهذه المثابة ، لعدم استفادة حصوله إلاّ إلى الحواس الظاهرة الخارج إدراكاتها من زمرة العلوم.
وعلم الدراية علم يبحث فيه عن أحوال سند الخبر ومتنه وكيفية تحمله وآداب نقله.
وبالجملة ؛ البحث في علم الدارية يتعلق بالمفاهيم ـ كقولهم : إنّ الخبر الصحيح ما كان سلسلة سنده إماميا عادلا ضابطا ـ لا بالمصاديق .. فتأمل هذا.
والفرق بين علم الرجال والاصول ـ مع اشتراكهما في عملية الاستنباط ـ أنّه ليس الغرض من الرجال هو تأسيس القواعد الممهدة للاستنباط ، بل الغرض منه معرفة حال الرجال ليركن إلى أخبارهم وإن لم تكن حجّة شرعا ، أو كانت في غير الأحكام الفرعية.
هذا ؛ وقد قيل ـ كما في المحكم في اصول الفقه ٩/١ ـ : إنّ غرض متقدّمي أصحابنا منه [أي : علم الرجال] الاعتزاز بكثرة علماء الطائفة ، وتوسعهم في التأليف في مقابل تشنيعات العامة ، على ما تشهد به ديباجة كتبهم .. وعلم الدراية ملحق به متمم له ..!
وفيه ؛ أنّه لو صح ما ذكر لكان تاما في الجملة لا بالجملة ؛ إذ هو في خصوص الكتب المصنفة للفهرسة دون الرجال .. ولو كان الغرض منحصرا بما ذكر فلا وجه للجرح والتضعيف أو ذكر الضعفاء والمجهولين فيهم ..