سمعت علي بن عبد الله الداهري يقول : سألت ابن أبي داود عن حديث الطير فقال : إن صحّ حديث الطير فنبوة النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ باطلة ، لأنّه حكى عن حاجب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم خيانة ـ يعني أنسا ـ وحاجب النبيّ لا يكون خائنا ».
قال الذهبي : « قلت : هذه عبارة رديئة وكلام نحس ، بل نبوة محمّد صلّى الله عليه وسلّم حق قطعي ، إن صحّ حديث الطير وإن لم يصح ، وما وجه الارتباط؟! هذا أنس قد خدم النبي صلّى الله عليه وسلّم قبل أن يحتلم وقبل جريان القلم ، فيجوز أن تكون قصّة الطائر في تلك المدة ، فرضنا أنّه كان محتلما ما هو بمعصوم من الخيانة ، بل فعل هذه الجناية الخفيفة متأوّلا. ثم إنّه حبس عليّا عن الدخول كما قيل فكان ما ذا؟ والدعوة النبوية قد نفذت واستجيبت ، فلو حبسه أو ردّه مرات ما بقي يتصور أن يدخل ويأكل مع المصطفى سواه إلاّ ... » (١).
قلت : لكنّ الباعث لابن أبي داود أن يقول هذا بالنسبة إلى حديث الطير إنّما هو لكونه من أصح وأشهر مناقب علي الدالة على إمامته بعد رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام ، وبغض هذا الرجل ونصبه لأمير المؤمنين معروف مذكور بتراجمه ، فلاحظ (٢).
التحريف في لفظ الحديث
ولهذه الأمور وغيرها عمد بعض القوم إلى اختصار لفظ الحديث لدى روايته وبعض آخر إلى تحريفه ...
فالبخاري أخرجه باللفظ التالي : « عن أنس : اهدي للنبي صلّى الله
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٣٢.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.