والثاني : حجيّة إخبار ذي اليد في ثبوت التذكية وآثارها ولو كان ذو اليد كافرا ؛ وذلك لأنّه لو لا حجيّته يلزم أن يكون السؤال لغوا ، بل يمكن أن يدّعي الملازمة العرفيّة بين وجوب السؤال وحجيّة قوله خصوصا وأنّ الوجوب وجوب طريقي.
وممّا ذكرنا تبيّن أنّه لو كان هناك يدان : أحدهما للمسلم ، والأخرى للكافر على مشكوك التذكية ، فبناء على أنّ يد الكافر أمارة على عدم التذكية تتعارض اليدان ، وبعد التساقط يرجع إلى استصحاب عدم التذكية. وأمّا بناء على المختار فيحكم على طبق يد المسلم ولا تعارض أصلا ، فتكون يد المسلم حاكمة على الاستصحاب.
الأمر الثامن : هل يقبل قول ذي اليد في الطهارة والنجاسة أم لا؟ المشهور هو القبول خصوصا بين المتأخّرين ، بل عن الحدائق : ظاهر الأصحاب الاتّفاق عليه ، ولذلك استدل عليه بعضهم بالإجماع (١).
وقد عرفت حال الإجماع في أمثال هذه المقامات ممّا يكون مستند المجمعين معلوما ، وهو تارة سيرة المتشرّعة كما في لسان بعض ، وأخرى أخبار ذكروها في هذا الباب.
ولكن عمدة المستند في هذا الباب هي الأخبار ، كصحيح معاوية بن عمّار ، عن الرجل من أهل المعرفة بالحقّ يأتيني بالبختج ، ويقول : قد طبخ على الثلث وأنا أعرفه أنّه يشربه على النصف ، فاشربه بقوله وهو يشربه على النصف؟ فقال عليهالسلام : « لا تشربه ». قلت : رجل من غير أهل المعرفة ممّن لا نعرفه أنّه يشربه على الثلث ولا يستحلّه على النصف يخبر أنّ عنده بختجا على الثلث قد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه يشرب منه؟ قال عليهالسلام : « نعم » (٢). ولا شكّ في أنّ ظاهر هذه الرواية هو حجيّة إخبار ذي اليد
__________________
(١) « الحدائق الناضرة » ج ٥ ، ص ٢٥٢.
(٢) « الكافي » ج ٦ ، ص ٤٢١ ، باب الطلاء ، ح ٧ ؛ « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٢٢ ، ح ٥٢٦ ، باب الذبائح والأطعمة وما يحلّ من ذلك. ، ح ٢٦١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٧ ، ص ٢٣٤ ، أبواب الأشربة المحرّمة ، باب ٧ ، ح ٤.