وأمّا بطلان الوضوء والغسل بالماء الذي استعماله مضرّ لحرمة الإضرار بالنفس ـ وأنّ الإضرار بالنفس إلى أيّ حدّ جائز وإلي أيّ حدّ لا يجوز وما الدليل عليه ـ فهذا شيء خارج عن محلّ كلامنا ، وهي مسألة فقهيّة يبحث عنها في محلّها.
وأمّا مسألة خيار الغبن فليس مستند إلى هذه القاعدة ، بل ثبوتها بواسطة تخلّف الشرط الضمني ، وهو تساوي المالين في خيار الغبن وسلامة العوضين في خيار العيب ، مضافا إلى وجود أدلّة خاصّة في خيار العيب دالّة على ثبوت الخيار حال الجهل بالعيب دون حال العلم به ، وتفصيل المسألة في محلّه.
التنبيه الخامس : قد عرفت أنّ مفاد لا ضرر ـ بناء على ما استظهرناه ـ رفع الحكم الذي ينشأ منه الضرر ، سواء كان ذلك الحكم حكما تكليفيّا أو كان وضعيّا ، بل الحكم الوضعي أولى بشمول لا ضرر له ؛ لأنّ الحكم التكليفي بمحض جعله وتشريعه لا يكون موجبا لوقوع الضرر في الخارج ، بل الضرر يقع في مرحلة الامتثال ، فيتوسّط بينه وبين وقوع الضرر إرادة المكلّف واختياره.
وأمّا الحكم الوضعي كاللزوم في المعاملة الضرريّة ، فهو بنفسه موجب لوقوع الضرر من دون توسّط إرادة المكلّف واختياره في البين ، فيكون دليل هذه القاعدة ـ كما تقدّم ـ حاكما على إطلاقات الأدلّة الأوّلية في جانب المحمول ، بمعنى تضييق القاعدة لمحمول تلك الأدلّة وتقييدها بحال عدم كونها ضرريّا.
وهذا معنى كون مفادها رفع الحكم الضرري ، فلا بدّ وأن يكون حسب مفاد تلك الإطلاقات حكم ثابت مجعول لو لا هذه القاعدة ، فشأن هذه القاعدة رفع الحكم الضرري الذي لو لا هذه القاعدة كان ثابتا وموجودا.
وأمّا وضع الحكم الذي يكون في عدمه ضرر على شخص ، فهذا خارج عن المفاد ومدلول هذه القاعدة.
فبناء على هذا لا يمكن إثبات الضمان بهذه القاعدة فيما إذا كان عدم الضمان ضررا