السادسة : في تعارضها مع سائر الأدلّة من الأصول والأمارات.
أمّا الجهة الأولى
فقد تكرّر منّا في موارد كثيرة أنّ المناط في كون المسألة أصوليّة هو وقوع نتيجة البحث عنها كبرى في قياس الاستنباط ، ولا شكّ أنّ نتيجة البحث عن هذه القاعدة ـ وهي حجيّتها وإثبات الملكيّة مثلا لذي اليد ـ لا تقع كبرى في قياس الاستنتاج الحكم الشرعي الكلي الفرعي ، بل لا يستنتج منها إلاّ الملكيّات الشخصيّة أو ما شابهها من سائر الأمور الجزئيّة التي تثبت بها لذوي الأيدي ؛ فهذه قاعدة فقهيّة يستنبطها الفقيه عن أدلّتها التفصيليّة ويفتي بحجيّة اليد ، مثلا بالنسبة إلى ملكيّة ذي اليد لما في يده. ويكون أمر تطبيقها بيد المقلّدين أنفسهم ، بمعنى أنّه في مقام تطبيق هذه الكبرى على مصاديقها المقلّد والمجتهد سواء ، فإذا طبق المقلّد في مورد وأثبت الملكيّة بها لذي اليد عند الشكّ في ملكيّته ، فيجوز له أن يشتري منه ، ويشهد له بالملكيّة ، وهكذا بالنسبة إلى سائر آثار ثبوت الملكيّة له ، أي لذي اليد.
فهذه القاعدة كسائر القواعد الفقهيّة ـ المستعملة في الموضوعات الخارجيّة ، أو الأحكام الجزئيّة كالبيّنة ، وأصالة الصحّة ، وقاعدة الفراغ ، وقاعدة التجاوز ـ يستنبطها الفقيه ويفتي بمضمونها ، فيعمل المقلّد على طبقها.
وظهر مما ذكرنا : أنّه لا فرق في عدم كون هذه القاعدة من المسائل الأصوليّة ، أو كونها من القواعد الفقهيّة بين كون المناط في تميّز المسألة الأصوليّة عن الفقهيّة ما ذكرنا ، وبين ما ذكروه من أنّ المسألة الأصوليّة هي التي لا حظّ للمقلّد في مقام تطبيقها بل يكون أمر تطبيقها بيد المجتهد ، أو ما ذكروه ميزانا للفرق بينهما من أنّ المسألة الأصوليّة ما لم تكن متعلّقا بكيفيّة العمل بلا واسطة بل تكون تعلّقها بكيفيّة العمل مع الواسطة ، بخلاف المسألة الفقهيّة فإنّها متعلّقة بكيفيّة العمل بلا واسطة ؛ لما ذكرنا من