الإسلام ازدياد شوكته وانتشاره في أنحاء الأرض ، إذ بناء على ما استظهرناه من الحديث الشريف ـ من أنّ معنى الجملة الأولى الموجبة أي : الإسلام يعلو هو أنّ أحكام الإسلام توجب علوّ المسلم على الكافر في الأمور الواقعة بينهما من المعاملات ، وغيرها كالولايات والمعاهدات والأنكحة ، ولا توجب علوّ الكافر على المسلم ، فليس في الإسلام حكم يكون موجبا لعلوّ الكافر على المسلم ـ لا يبقى مجال ووقع لهذا الكلام ، ويكون علوّ الإسلام عبارة أخرى عن علوّ المسلمين.
وحاصل الكلام : أنّه بعد الفراغ عن أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقام التشريع لا الإخبار عن أمر خارجي ـ وهو أنّ الإسلام له علوّ وشرف لأنّه موجب للنجاة وسعادة الدنيا والآخرة ـ لا شكّ في أنّ الظاهر من هذا الكلام في هذا المقام أنّ الإسلام وهذا الدين والشرع يعلو بالمتديّنين بهذا الدين على غيرهم ، ولا يكون موجبا لعلوّ الكفّار على المتديّنين بهذا الدين.
الثالث : هو الإجماع المحصّل القطعي على أنّه ليس هناك حكم مجعول في الإسلام يكون موجبا لتسلّط الكافر على المسلم ، بل جميع الأحكام المجعولة فيه روعي فيها علوّ المسلمين على غيرهم ، كمسألة عدم جواز تزويج المؤمنة للكافر ، وعدم جواز بيع العبد المسلم على الكافر ، وعدم صحّة جعل الكافر واليا ووليّا على المسلم ، وأمثال ذلك.
ولكن أنت خبير بأنّ الاتّفاق على هذا الأمر ـ أي عدم كون الأحكام الشرعية موجبة لعلوّ الكافر على المسلم ـ وإن كان في الجملة مسلّما ، ولكن كونه من الإجماع المصطلح ـ عند الأصولي الذي أثبتنا حجيّته ـ في غاية الإشكال بل معلوم العدم ؛ لأنّ الظاهر أنّ المتّفقين يعتمدون على هذه الأدلّة المذكورة.
وقد حقّقنا في الأصول أنّ مثل هذا الإجماع لا يوجب الحدس القطعي برأي الإمام عليهالسلام ، وليس مثل هذا الاتّفاق مسبّبا عن رأيه ورضاه عليهالسلام حتّى يستكشف من