فيكون مساقها مساق قوله تعالى ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ ) (١) حيث أنّ الآية الشريفة تدلّ على حرمة هذه الأمور في الحجّ. ونظائرها كثيرة في الأخبار ، حيث يكون ظاهر الكلام نفي ولكن أريد منه النهي ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا سبق إلاّ في خف أو حافر أو نصل » (٢) وغير ذلك من الموارد العديدة.
ولقد أصرّ شيخ الشريعة الأصفهاني قدسسره على هذا القول ، وتعيّن هذا الاحتمال من بين الاحتمالات الأربع (٣).
الثاني : أن يكون مفادها نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، ونظائرها كثيرة في الأخبار ، كقولهم : ـ المتصيّدة من الروايات ـ لا شكّ لكثير الشكّ (٤) ، وقوله عليهالسلام : « لا سهو في السهو » (٥) وقوله عليهالسلام : « لا سهو للإمام مع حفظ المأموم » (٦) وغيرها من الموارد الكثيرة ، فيكون المراد من هذه الجملة بناء على هذا القول أنّ الموضوعات التي لها أحكام بعناوينها الأوّليّة إذا صارت ضرريّة وتعنونت بعنوان الضرر يرتفع ذلك الحكم عن ذلك الموضوع ، فتكون هذه القاعدة بناء على هذا حاكما على الأدلّة الأوّليّة بالحكومة الواقعيّة تضييقا في جانب الموضوع.
وإلى هذا القول ذهب صاحب الكفاية قدسسره واختاره (٧).
الثالث : أن تكون مفادها نفي الحكم الضرري ، بمعنى أنّ كلّ حكم صدر من الشارع فان استلزم ضرر أو حصل من قبل جعله ضرر على العباد ـ سواء أكان
__________________
(١) البقرة (٢) : ١٩٧.
(٢) « الكافي » ج ٥ ، ص ٥٠ ، باب فضل ارتباط الخيل ، ح ١٤ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٤٨ ، أبواب كتاب السبق والرماية ، باب ٣ ، ح ١.
(٣) « قاعدة لا ضرر ولا ضرار » ٢٤ ـ ٢٧.
(٤) « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣٢٩ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، باب ١٦.
(٥) « الكافي » ج ٣ ، ص ٣٥٨ ، باب من شكّ في صلاته ، ح ٥ ؛ « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣٤٠ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، باب ٢٥ ، ح ٢.
(٦) « وسائل الشيعة » ج ٥ ، ص ٣٣٨ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، باب ٢٤.
(٧) « كفاية الأصول » ص ٣٨١.