وأمّا لو كان المدرك لها هو الأخبار الخاصّة الواردة في أبواب مختلفة ، كما ذكرنا ما ورد في باب تدليس المرأة وإخفائها عيبها ، وما ورد في باب رجوع المحكوم عليه أو وليّه بخسارته إلى شاهد الزور ، فالإنصاف أنّ تلك الأخبار ظاهرة فيما إذا كان الغارّ عالما بالضرر على فرض صدق القاعدة في تلك الموارد وأن لا يكون من موارد كون سبب الإتلاف أقوى من المباشر ، والفقهاء ذكروها في ذلك الباب وإن استدلّ بعضهم في تلك الموارد بقاعدة الغرور أيضا.
ثمَّ إنّه بناء على ما اخترنا من المدرك لهذه القاعدة هو بناء العقلاء وأنّ الروايات الواردة في هذا الباب تكون إمضاء لذلك البناء ، فيقتضي أن نقول بعدم الضمان في صورة جهل الغارّ.
ولكن الروايات الواردة في باب ضمان الطبيب تدلّ على ضمان الغارّ وإن كان جاهلا ؛ وذلك من جهة القطع بأنّ الطبيب جاهل بضرر الدواء الذي يصفه للمريض أو يكتب لعلاجه.
وعلى كل حال الذي يحصل لنا من جميع أدلّة المقام من الأخبار ومن الأقوال والوجوه الأخر هو الاطمئنان بعدم الفرق بين أن يكون الغارّ جاهلا أو يكون عالما.
وأمّا احتمال أنّ هذه المفاهيم الثلاثة ـ أعني الغرور ، والخدع ، والتدليس ـ وإن كانت الأفعال منها مثل غرّه أو خدعه أو دلّس عليه لا تدلّ بهيئتها على كون الفاعل عالما ، ولكن موادّها أخذ فيها العلم والالتفات ، دعوى يكذّبها الوجدان وملاحظة موارد الاستعمالات.
الجهة الثالثة
في ذكر جملة من موارد تطبيق هذه القاعدة
فنقول : لا شكّ في جريان هذه القاعدة في أغلب أبواب الفقه ، خصوصا في أبواب