ولكن أنت خبير بأنّ التغرير ليس من تلك العناوين.
وخلاصة الكلام : أنّه إذا أوقع شخص شخصا آخر في ضرر فعل بترغيبه إلى ذلك الفعل أو بشكل آخر يكون مشمولا لهذه القاعدة ، وإن كان جاهلا بذلك الضرر بل ولو كان باعتقاد النفع.
نعم دخول هذه الصورة في هذه القاعدة موضوعي.
وأمّا حكم القاعدة ـ أي جواز رجوعه إلى الغارّ ـ يشمله أو لا يشمله فيحتاج إلى النظر في دليل القاعدة ، فباعتبار الأدلّة ربما يختلف الشمول وعدمه.
فلو كان المدرك هو النبوي المشهور ، أي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « المغرور يرجع إلى من غرّه » (١) فلا فرق بين أن يكون الغارّ جاهلا بترتّب الضرر والخسارة على فعل المغرور ؛ لما ذكرنا من عدم خروجه عن كونه غارّا بواسطة جهل.
وأمّا لو كان المدرك هو الإجماع ، فالظاهر عدم شموله لما إذا كان الغارّ جاهلا ؛ لوقوع الخلاف فيه.
وأمّا لو كان المدرك هو بناء العقلاء على رجوع المغرر في خسارته إلى الغارّ ، ففي بنائهم خصوصا فيما إذا كان الغارّ مشتبها معتقدا عدم عيب وخسارة في الفعل الذي يرغب المغرور على ارتكابه ، مثلا لو اعتقد أنّ المرأة الفلانيّة ليس فيها عيب ولها من الجمال والمال والكمال كذا وكذا ، فرغب شخصا في تزويجها ، فظهر خلاف ما قال يكون بناء العقلاء في مثل هذه الصورة على تغريمه مشكل.
وأمّا لو كان مدركه قاعدة الإتلاف وأنّه السبب لوقوع هذه الخسارة على المغرور ، وأنّ السبب هنا أقوى من المباشر فعلى فرض تماميّة هذا الكلام لا فرق بين أن يكون السبب عالما أو جاهلا.
__________________
(١) سبق ذكره في ص ٢٧٠ ، رقم (١).