يكونان جاهلين أو مختلفين.
فالصور أربعة :
أحدها : ما تقدّم من كونهما عالمين. وقد عرفت عدم دخول تلك الصورة تحت عموم قاعدة الغرور.
وكذلك الصورة الثانية ، أي فيما إذا كان الفاعل المتضرّر عالما والغارّ جاهلا ، فخارجة عن تحت القاعدة أيضا قطعا ؛ لعدم صدق الغرور مع علمه.
أمّا الصورة الثالثة ، أي فيما إذا كان المغرور جاهلا بالضرر والغار عالما ، فهذه هي القدر المتيقّن من القاعدة على تقدير صحتها واعتبارها.
وأمّا الصورة الرابعة ، أي فيما إذا كانا جاهلين ففيه كلام من حيث أنّ الجاهل بضرر فعل إذا أوقع شخصا في ارتكاب ذلك الفعل هل يصدق عليه أنّه غرّه وخدعه أم لا؟
ربما يقال بعدم صدق عنوان « الغارّ » عليه خصوصا إذا كان مشتبها وتخيّل النفع في ذلك الفعل ودعاه إليه باعتقاد أنّه نافع له ، ثمَّ ظهر أنّه يضرّه ، كالطبيب الذي يصف الدواء الفلاني له باعتقاد أنّه نافع له ، ثمَّ بعد استعماله تبيّن أنّه ضرّه ، فمثل هذا لا يعدّ عند العرف تغريرا أو خدعا لذلك الآخر المتضرّر.
ولكن أنت عرفت فيما ذكرنا من قبل أنّ قصد عناوين الأفعال ليس معتبرا في صدق عنوان ذلك الفعل ، فاذا ضرب أحدا يصدق عليه عنوان الضرب وان لم يقصده ، فالتغرير عبارة عن ترغيب شخص إلى فعل يترتب عليه الضرر وإن كان المرغب جاهلا بترتّب الضرر على ذلك الفعل وإيقاعه في ذلك الفعل.
نعم العناوين القصديّة لا تحصل بدون قصد ذلك العنوان ، فالتعظيم الذي هو من العناوين القصديّة لا يحصل من صرف ذلك القيام والركوع بدون قصد ذلك العنوان.