مقام بيان أنّ سمرة كثير الضرر ومصرّ عليه.
وأمّا احتمال أن يكون اسما بمعنى الضرر ، لا مصدر باب المفاعلة ففي غاية البعد ؛ لأنّه تكرار أوّلا بدون أيّ نكتة وفائدة فيه. وثانيا هو خلاف ظاهر هذه الكلمة ؛ لأنّه ظاهر في كونه مصدر باب المفاعلة.
وممّا يؤيّد ما ذكرناه واخترناه في معنى الضرار ورود باب المفاعلة في كثير من الموارد بهذا المعنى ، أي كثرة صدور المبدء من شخص وتكراره ، كقوله تعالى :
( يُخادِعُونَ اللهَ ) (١) وقوله تعالى ( لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ) (٢) وأمثال ذلك ممّا في القرآن الشريف أو في غيره.
والحاصل : أنّ لفظ « الضرر » له مفهوم واضح عند العرف ، بحيث كلّ تفسير وشرح له ليس أوضح من نفسه ، ومثل هذه المفاهيم ليست قابلة للتعريف الحقيقي ، فكلّ ما يذكر في شرحه يكون تعريفا لفظيّا هو أخفى منه.
وأمّا لفظة « الضرار » فهو أيضا كذلك ، وهو مصدر باب المفاعلة من نفس المادة ، فلا حاجة إلى إيراد ما ذكره اللغويّون في المقام والنقض والإبرام فيها.
وأمّا كلمة « لا » فلا شكّ في أنّها لنفي الجنس إذا كان ما بعدها نكرة ، نحو : لا رجل في الدار. فتكون ظاهرة في نفي الحقيقة حقيقة ، إلاّ أن يثبت أنّ النفي ادّعائي.
هذه شرح كلمات المفردة التي في الحديث.
وأمّا شرح هذه الجملة ومفادها ، أعني : « لا ضرر ولا ضرار » فالأقوال المعروفة المشهورة التي ذكرها الفقهاء أربعة :
الأوّل : أن يكون مفادها النهي عن إيجاد ضرر الغير ، أو مطلقا حتّى على النفس ،
__________________
(١) البقرة (٢) : ٩ ؛ النساء (٤) : ١٤٢.
(٢) البقرة (٢) : ٢٣٣.