المثال لو تزوّج بقصد أنّه يولد له ولد يبيع الخمر ، أو يكون عشارا مثلا ، يكون تزويجه إعانة على الإثم وإن كان من المقدّمات البعيدة.
وأمّا المقدّمات القريبة فيمكن أن يعدّ إعانة عرفا ولو لم يكن بقصد ترتّب ذلك ، وسيأتي تحقيقه في بيان الجهة الثانية إن شاء الله تعالى.
والحاصل : أنّه لا شكّ في أنّه كما أنّ العقل مستقلّ بقبح مخالفة المولى وإتيان ما هو المبغوض عنده ، كذلك مستقلّ في الحكم بقبح المساعدة على إتيان الغير ذلك المبغوض للمولى وما فيه المفسدة.
الرابع : الإجماع واتّفاق الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم أجمعين على حرمة الإعانة على الإثم ، فإنّهم يعلّلون حرمة بعض الأفعال بأنّه إعانة على الإثم ويرسلونه إرسال المسلّمات ، وكأنّها أمر مفروغ عنه عندهم.
ولكن ذكرنا مرارا أنّ مثل هذا الاتّفاق الذي له مدارك عقليّة وكذلك النقليّة من الآيات والروايات ليس من الإجماع الذي بنينا في الأصول على حجيّته.
الجهة الثانية
في أنّه ما المراد من هذه القاعدة أي حرمة الإعانة على الإثم
فنقول : أمّا الإثم فمعناه معلوم ، إذ المراد به مخالفة التكليف الإلزامي ، أي ترك ما هو الواجب ، أو فعل ما هو الحرام. وبعبارة أخرى : الإثم هو العصيان.
وأمّا الإعانة فهي لغة بمعنى المساعدة ، وأعانه على ذلك ، أي ساعده عليه ، والمعين والمعاون للإنسان هو المساعد له في فعله وإشغاله. وقوله عليهالسلام : « عون الضعيف من أفضل الصدقة » (١) أي مساعدته في أفعاله وفي أمور معيشته أو إشغاله.
__________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ٥٥ ، باب ( من كتاب الجهاد ) ح ٢ ؛ « وسائل الشيعة » ج ١١ ، ص ١٠٨ ، أبواب جهاد العدو وما يناسبه ، باب ٥٩ ، ح ٢.