الأصول بالحكومة ، وإن كانت الأمارة من أضعف الأمارات ، والأصل من أقوى الأصول وكان تنزيليّا كالاستصحاب.
وذكرنا ما هو السرّ في ذلك وأنّه حيث أخذ الشكّ في موضوع كلّ أصل ولو كان محرزا وتنزيليّا مثل الاستصحاب ، وحجيّة الأمارات ـ بناء على ما هو التحقيق ـ من باب تتميم الكشف ، فلا محالة يرفع موضوع الأصل تعبّدا ، وهذا معنى الحكومة كما شرحناها في محلّها مفصلا ، (١) فتقديم اليد على الأصول من جهة كونها أمارة ، وهذا واضح.
وأمّا بالنسبة إلى سائر الأمارات غير البيّنة والإقرار فلا بدّ وأن يلاحظ أوّلا أنّ أماريّتها عند العقلاء هل هي في ظرف عدم كون تلك الأمارات على خلافها أم لا؟
فان كانت مقيّدة بعدمها على خلافها فتسقط عن الأماريّة عند وجود تلك الأمارة الأخرى ، مثلا لو كان الشياع على وقفيّة دار أو دكّان أو محلّ آخر ، ولكن ذو اليد يدّعي الملكيّة ، فبناء على أماريّة الشياع فإن كانت أماريّة اليد على الملكيّة عند العقلاء مقيّدة بعدم الشياع على خلافه ، فقهرا تسقط عن الحجيّة.
وأمّا إذا لم يكن كذلك ، فقهرا يتعارضان ويؤخذ بأقواهما كشفا ، وإلاّ فيتساقطان.
وأمّا بالنسبة إلى إقراره على خلاف مقتضى يده ، كما إذا أقرّ بأنّ هذا المال في يدي ليس لي ، أو أقرّ بأنّه لفلان ، فلا شكّ في أنّ إقراره على نفسه نافذ وتسقط يده عن الاعتبار بالنسبة إلى ملكيّة نفسه ، وقد تقدّم شطر من الكلام في هذا الباب.
وأمّا بالنسبة إلى البيّنة فمن المقطوع تقدّم البيّنة على اليد ، بل حجيّة البيّنة في قبال ذي اليد خصوصا في باب الدعاوي من المسلّمات عند جميع المسلمين ؛ لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان » (٢) ، وعمله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعمل أصحابه ، وعمل
__________________
(١) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ٥٣٧.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٣٨ ، رقم (١).