وفي السيرة الحلبيّة في المجلّد الثالث صفحة مائة وخمسة : أنّ عثمان لمّا شفّع في أخيه ابن أبي سرح قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أما بايعته وآمنته؟ » قال : بلى ولكن يذكر ما جرى منه معك من القبيح ويستحي ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الإسلام يجبّ ما قبله » (١).
وأيضا فيها في صفحة مائة وستّة ، في المجلّد المذكور ، في إسلام هبار : قال صلىاللهعليهوآلهوسلم « الإسلام يجبّ ما قبله » (٢).
وعن الطبراني : « الإسلام يجبّ ما قبله والهجرة تجبّ ما قبلها » (٣).
وممّا ذكرنا ، ومن شهرة هذا الحديث بين الفريقين ، يثق الإنسان بصدوره عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي هو موضوع الحجيّة ، فلا إشكال فيه من ناحية السند.
وأمّا الكلام فيه من ناحية الدلالة ، فما هو الظاهر المتفاهم العرفي من هذه الجملة هو أنّ ما صدر عن الكافر في حال كفره من قول أو فعل بل ما كان له من اعتقاد يترتّب على ذلك الفعل أو القول أو الاعتقاد ضرر أو عقوبة عليه ، بحيث يكون ذلك الضرر من آثار ما ذكر في الإسلام لا في حال الكفر ، فالإسلام يقطع بقاء ذلك الفعل أو القول أو الاعتقاد ، ويجعله كالعدم وبلا أثر.
فباب الضمانات والديون في حال الكفر خارج عن مفاد الحديث : لأنّ تلك الأمور ثابتة في حال الكفر ، وليست من الآثار التي تثبت في حال الإسلام لتلك الأمور دون حال الكفر.
وبعبارة أخرى : هذا الكلام صدر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقام الامتنان على من يسلم ، وأيضا لترغيبه في قبول الإسلام ، وأن لا يخاف من الأقوال أو الأفعال التي صدرت عنه في حال كفره ، كما يشهد بذلك وروده خوف هبار بن أسود ، ومغيرة بن شعبة ممّا
__________________
(١) « السيرة الحلبيّة » ج ٣ ، ص ١٠٥.
(٢) المصدر ، ص ١٠٦.
(٣) نقله عن الطبراني في « جامع الصغير » ص ٣٦.