فليس أمر بالتامّ متوجّه إليه حتّى يشمله الحديث ، ويكون مفاده أيّها الجاهل الذي أنت مأمور بإتيان المركّب التامّ إتيانك بالناقص يكفي ويجزي ، ولا يجب عليك الإعادة ، لأنّه ليس مأمورا به بعد العصيان واستحقاق العقاب.
فهذا كلام عجيب لا ينبغي أن يسند إلى مثل شيخنا الأعظم الأنصاري ، وحيث أنّ مواقع الخلل فيه واضح ولذلك لا نتعرّض لما فيه.
[ المبحث ] الثالث : في بيان ما هو المستفاد من ظاهر الصحيحة ، أي فيما تدلّ عليه بالدلالة التصديقيّة :
فتارة : نتكلّم في عقد المستثنى منه ، أي قوله عليهالسلام « لا تعاد الصلاة ».
وأخرى : في عقد المستثنى ، أي قوله عليهالسلام « إلاّ من خمس ».
فالكلام فيه من جهات
[ الجهة ] الأولى : ظاهر هذه الجملة أنّ كلّ إخلال وقع في الصلاة إذا لم يكن ذلك الإخلال من قبل الخمسة ، ولم يكن عن عمد مع العلم بالحكم أو مع الجهل به مطلقا سواء كان عن قصور أو عن تقصير فلا يوجب الإعادة ؛ فينتج رفع الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة عن جزء أو شرط تركهما خطأ أو نسيانا ، أو أتى بمانع كذلك.
وبعبارة أخرى : في كلّ مورد سقط الأمر بالصلاة الكاملة التامّة بواسطة العذر العقلي أو الشرعي ، وكان بمقتضى إطلاق أدلّة الأجزاء والشرائط يجب عليه الإعادة في الوقت ، بل القضاء في خارج الوقت بعد رفع العذر ؛ فحديث « لا تعاد » يرفع الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة ، وينفيها بنفي الإعادة ، فيكون الحديث حاكما على إطلاق أدلّة الأجزاء والشرائط والموانع ، بحيث لو لم يكن حديث « لا تعاد » لكان مقتضى تلك الإطلاقات ثبوت الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة حتّى في حال السهو والنسيان ؛ ولازمه وجوب الإعادة في الوقت بعد رفع العذر.