تذييل :
ربما يقال : بأنّه بعد القطع في دم يخرج من النساء بأنّه ليس بحيض ـ إمّا من جهة عدم فصل أقلّ الطهر بين هذا الدم والحيض السابق عليه ، أو من جهة تجاوزه عن العشرة ، أو من جهة كونه أقلّ من الثلاثة ، أو لأيّ جهة من الجهات المذكورة في محلّها ممّا لا يمكن أن يكون حيضا حسب القواعد المقرّرة في الشرع ـ إذا دار أمره بين أن يكون استحاضة أو دم آخر غير الحيض فيحكم بأنه استحاضة.
وكأنّهم بناءهم على أنّ الأصل في الدم الخارج عن فرج المرأة بعد القطع بعدم كونه حيضا أنّه استحاضة ، فهذا أصل ثانوي بعد عدم جريان قاعدة الإمكان وعدم أمارة كونه دم عذرة من تطويقه في القطنة التي تستدخلها في مخرج الدم.
وما قالوا في مقام الاستدلال على هذا الأصل الثانوي والقاعدة الطولية لتلك القاعدة أمور :
منها : أنّ الاستحاضة دم طبيعي بالنسبة إلى سائر الدماء بعد عدم كونه حيضا يقينا لخروجه عن العرق العاذل وتكوّنه في أغلب الأمزجة.
وفيه : أنّ كلّ حادث لا بدّ وأن يكون حدوثه من أجل وجود علّة ، وخروجه من العرق العاذل إن كان صحيحا لا بدّ وأن يكون لحدوث علّة قد توجد فتنعدم ، وإلاّ فلا بدّ وأن يدوم الخروج وتكون المرأة مستدام الدم ، فإذا شككنا في وجود تلك العلّة كيف يمكن الحكم بأنّ معلولها موجود؟
إلاّ أن يأتي دليل تعبّدي على أن المحتمل استحاضة ، وهذا أوّل الكلام.
وأمّا تكونه في أغلب الأمزجة لا يوجب إلاّ الظنّ بكونه استحاضة من باب الحمل على الأكثر ، ولا دليل على حجيّة مثل هذا الظنّ.