جواب.
ولا ينافي تفسيره عليهالسلام بالحجّة في يوم القيامة ما استظهرناه ؛ لأنّه تفسير لا ظاهر الكلام ، وللقرآن سبعة أبطن.
مضافا إلى أنّ كلّ هذه الأمور ـ أي الغلبة في عالم تشريع الأحكام ، والغلبة بالحجّة والبرهان في يوم القيامة ، والغلبة التكوينيّة الخارجيّة كلّها ـ من مصاديق مفهوم الغلبة والسبيل حقيقة وبالحمل الشائع ، وإن كان الظاهر كما استظهرناه أنّ المراد بالجعل المنفي هو الجعل التشريعي لا التكويني.
الثاني : قوله عليهالسلام : « الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، والكفّار بمنزلة الموتى لا يحجبون ولا يورثون ».
والخبر مشهور معروف ، ذكره في الفقيه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في المجلّد الرابع في باب ميراث أهل الملل (١) ، فعمدة الكلام دلالته ، وإلاّ فمن حيث السند موثوق الصدور عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لاشتهاره بين الفقهاء وعملهم به.
والظاهر من هذا الحديث الشريف بقرينة ظاهر الحال أنّه في مقام التشريع ، وأنّ الإسلام يكون موجبا لعلوّ المسلم على غيره في مقام تشريع أحكامه وبالنسبة إلى تلك الأحكام.
وبعبارة أخرى : لا يمكن أن يكون الحكم الإسلامي وتشريعه سببا وموجبا لعلوّ الكافر على المسلم ، ففي هذا الحديث الشريف جملتان : إحداهما موجبة ، والأخرى سالبة ، ومفاد الجملة الأولى الموجبة هو أنّ الأحكام المجعولة في الإسلام فيما يرجع إلى الأمور التي بين المسلمين والكفّار روعي فيها علوّ جانب المسلمين على الكفّار ، ومفاد الجملة السالبة عدم علوّ الكافر على المسلمين من ناحية تلك الأحكام المجعولة.
وممّا ذكرنا ظهر جواب أنّ علوّ الإسلام لا دخل له بعلوّ المسلمين ؛ إذ معنى علوّ
__________________
(١) « الفقيه » ج ٤ ، ص ٣٣٤ ، باب ميراث أهل الملل ، ح ٥٧١٩.