وليس المراد من نفي الحرج نفى الحكم بلسان نفى الموضوع ، كما قيل ذلك في لا ضرر ، وإن كان التحقيق خلافه حتّى هناك ، ولو كان لهذا التوهّم وجه هناك ـ أي في قاعدة لا ضرر ـ ولكن لا وجه له هاهنا أصلا ؛ لأنّ ذلك مفاد الآية الشريفة ابتداء وأوّلا وبالذات نفى جعل الحرج في الدين ، ولا شكّ في أنّ المراد بالجعل الذي نفاه الله تبارك وتعالى هو الجعل التشريعي لا الجعل التكويني ، والمراد من الدين هي الأحكام المجعولة من قبل الشارع المسمّاة بالأحكام الفقهيّة من الطهارات إلى الديات ، فلا يبقى شكّ في أنّ المنفي هو نفس الحكم الذي ينشأ من قبله الضيق والحرج ، لا أنّه تعالى ينفى الحكم الحرجي بلسان نفى موضوع ، ذلك الحكم ، أي الموضوع الذي هو حرجي أي الوضوء في البرد الشديد مثلا ، أو المسح على البشرة فيما إذا وضع عليها المرارة إذا كان نزعها صعبا.
والثمرة بين الوجهين نذكرها في الجهة الثالثة إن شاء الله تعالى.
الجهة الثالثة
في موارد تطبيق هذه القاعدة
ومواردها كثيرة لا يمكن إحصاؤها ؛ لأنّ أغلب الأحكام الإلزاميّة سواء أكانت من الواجبات أو من المحرّمات قد يصير في بعض الأحيان حرجيّا ، فتكون تلك الأحكام الحرجيّة مشمولة لقاعدة لا حرج. وقد أشرنا إلى موردين منها أحدهما : الوضوء في البرد الشديد. والثاني : المسح على البشرة فيما إذا وضع عليها المرارة لوقوعه وانقطاع ظفره.
ونذكر جملة أخرى :
منها : فيما إذا اغتسل من الجنابة من إناء ، وينضح من ماء غسله بواسطة وقوعه على الحجر الصلب أو صلب آخر في الإناء ، فقال عليهالسلام : « لا بأس ما جعل عليكم في