وأمّا المراد بالبرّ والتقوى هي الأفعال الحسنة التي تصدر من المسلمين ، سواء أكانت واجبة عليهم كالحجّ مثلا ، أو مستحبّة كبناء المساجد ، وطبع الكتب الدينيّة ونشرها ، إلى غير ذلك ممّا ندب الشرع إليها. كما أنّ المراد بالإثم هي المنهيّات والمعاصي ، صغيرة كانت أو كبيرة. وقد روى الطبري عن ابن عبّاس هذا المعنى في تفسير الآية المباركة (١).
وأمّا عطف « العدوان » على « الإثم » فمن قبيل عطف الخاص على العام ؛ لأنّ العدوان ـ أي التعدّي والظلم ـ أيضا من مصاديق الإثم.
ثمَّ إنّ المفسّرين ذكروا في شأن نزول الآية الشريفة قصّة وحكاية ، ولكن أنت خبير بأنّ خصوصيّة المورد لا يضرّ بحجيّة عموم مفاد الآية ؛ وذلك من جهة أنّ العمومات الواردة في الكتاب الكريم في مورد خاصّ يكون من قبيل الكبرى الكلية التي تنطبق على المورد ، ويكون المورد إحدى صغرياتها.
الثاني : الأخبار الواردة في الموارد الخاصّة التي تدلّ على حرمة الإعانة على الإثم.
منها : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة ، جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه : آيس من رحمة الله » (٢).
وتقريب الاستدلال بهذا الحديث على حرمة الإعانة على الإثم أنّه لا شكّ في أنّ قتل المسلم إثم ، وقد أوعد في الحديث العقاب واليأس من رحمة الله بالنسبة إلى الذي أعان على هذا الإثم العظيم والجريمة الكبيرة ، ويستكشف من هذا الإيعاد حرمته.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ الإعانة على قتل المسلم هي بنفسها إثم وحرام لا من جهة كونها إعانة على الإثم ، وإن كان الظاهر من الحديث هو المنع عن الإعانة على
__________________
(١) « جامع البيان في تفسير القرآن » ج ٦ ، ص ٤٤.
(٢) « عوالي اللئالي » ج ٢ ، ص ٣٣٣ ، ح ٤٨.