ويظهر ممّا ذكره الشيخ الأعظم الأنصاري حكومة قاعدة الحرج على قاعدة الضرر ، (١) ولم نعرف لها وجها يمكن الاعتماد والاتّكاء عليه.
وممّا ذكرنا ظهر أنّ حال تعارض قاعدة الحرج مع نفسه في موردين ، حال تعارض قاعدة الضرر مع نفسه في موردين من موارده فيتساقطان ، والمرجع حينئذ هي القواعد الأخر لو كانت ، كقاعدة « الناس مسلّطون على أموالهم » وإلاّ فالرجوع إلى الأصول العمليّة.
التنبيه الثامن : في بيان مجرى قاعدة « الناس مسلطون على أموالهم » ومورد تعارض قاعدة لا ضرر معها.
فنقول : لا شكّ في أنّ مفاد لا ضرر ـ بناء على ما استظهرناه من الحديث الشريف ـ رفع الحكم الضرري ونفيه مطلقا ، سواء كان حكما تكليفيّا أم وضعيّا ، وبعبارة أخرى : مفاد قاعدة لا ضرر أنّه ليس في المجعولات الشرعيّة وفيما هو من الدين مجعول ينشأ من قبله الضرر ويكون الضرر عنوانا ثانويّا له ، فالسلطنة الاعتبارية المجعولة من قبل الشارع للملاك على أموالهم إذا كان ضرريّا منفي بلا ضرر ، ويكون حال السلطنة حال سائر الأحكام الشرعيّة المجعولة على موضوعاتها ، فكما تكون القاعدة حاكمة على أدلّة سائر الأحكام فكذلك الحال في نسبتها مع قاعدة « الناس مسلّطون على أموالهم » لاتّحاد المناط في الجميع.
ولكن الشأن في إثبات الصغرى ، وأنّه في أيّ مورد يتحقّق هذه المعارضة.
ولتوضيح المقام نقول : إنّ تصرّف المالك في ماله مع الإضرار بالغير على أنحاء :
فقد لا يكون إلاّ بقصد الإضرار بالغير من دون أن يكون له نفع في هذا التصرف ، أو يكون في تركه ضرر عليه.
الثاني : أن لا يكون بقصد الإضرار ، ولكن ليس في ذلك التصرّف نفع له ولا في
__________________
(١) « المكاسب » ص ٣٧٥.