مفادي لا ضرر ، أي نفي الحكمين الضرريين الذين يلزم من نفي كلّ واحد منهما ثبوت الآخر ، أو نعلم بثبوت أحدهما.
والحاصل : أنّه إذا تعارض نفي حكم ضرري مع نفي حكم ضرري آخر ، فلا محالة يسقط لا ضرر في الاثنين بالمعارضة. ولا يعتنى بما قيل من تقديم أعظم الضررين وينفي بلا ضرر ذلك الحكم الذي يكون ضرره أكثر وأعظم ؛ لأنّ هذا ليس من مرجّحات باب التعارض ، فلا بدّ من الرجوع إلى القواعد الأخر إن كانت ، وإلاّ فإلى الأصول العمليّة.
نعم قد يكون البحث صغرويّا بمعنى أنّه هل هاهنا تعارض بين نفي هذين الحكمين الضرريين أم لا؟ وقد يكون البحث من جهة أنّ المورد من موارد التزاحم أو من موارد التعارض؟ فهذه أمور يسهل على الفقيه تشخيصها بعد معرفة ضوابطها الكليّة.
هذا كلّه في تعارض لا ضرر مع نفسه بالنسبة إلى نفي الحكمين الضرريين فيما إذا لا يمكن ولا يصحّ نفيهما جميعا لما تقدّم من الوجهين.
وأمّا فيما إذا تعارض لا ضرر مع لا حرج كما إذا كان تصرّف المالك في ملكه ضرريّا على الجار ، وكان ترك تصرّفه فيه حرجا على المالك وإن لم يكن ضررا عليه ، فيقع التعارض بين نفي جواز التصرّف بلا ضرر مع نفي حرمة التصرّف بلا حرج ، فالأمر كما ذكرنا في تعارض لا ضرر في مورد نفي أحد الحكمين مع نفسه في مورد نفي الحكم الآخر لوحدة المناط ، وهو عدم إمكان جمع النفيين في عالم الجعل والتشريع ، ووحدة لسان لا ضرر ولا حرج في الحكومة بالتضييق في جانب المحمولات التي هي الأحكام الواقعيّة للأشياء بعناوينها الأوّليّة التي هي مفاد إطلاقات الأدلّة أو عموماتها ، ونتيجتها تقييد تلك الإطلاقات ، وتخصيص تلك العمومات بغير ما كانت ضرريّة أو حرجيّة.