موقف الإمام الحسن عليهالسلام من أبي بكر :
أخرج الدارقطني : « أنّ الحسن جاء لأبي بكر وهو على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : إنزل عن مجلس أبي ، فقال صدقت والله إنّه لمجلس أبيك ، ثمّ أخذه وأجلسه في حجره وبكى. فقال علي رضياللهعنه : أما والله ما كان عن رأيي. فقال : صدقت والله ما اتّهمك ... ووقع للحسن نحو ذلك مع عمر وهو على المنبر ، فقال له : منبر أبيك والله لا منبر أبي. فقال عليّ : والله ما أمرت بذلك. فقال عمر : والله ما اتّهمناك » (١).
وهكذا اعترض الإمام الحسن عليهالسلام على تنصيب أبي بكر بعبارة موجزة « انزل عن مجلس أبي » ، فقد أثبت بهذه العبارة حقّ أمير المؤمنين عليهالسلام بالخلافة ، ولم يكن هذا القول بحثٍّ أو تحريك من قبل أبيه عليهماالسلام ولم يكن نابعاً عن عواطف ساذجة من ابن لأبيه ، وإنّما كان موقفاً لا نظير له في بيان عمق وعي الإمام الحسن السبط بما جرى من وقائع وأحداث بعد وفاة جده المصطفى صلىاللهعليهوآله ، ومن هنا اُعلن بهذا الموقف ـ وعلى مرأى جمع من الصحابة ـ عن حق زعيم أهل البيت عليهمالسلام المغتصب في خلافة الرسول صلىاللهعليهوآله كما أكّدته أحاديث شتىٰ ، ولو لم يكن من بينها إلاّ حديث الغدير لكفىٰ ، ذلك الحديث الذي حضر الإمام الحسن عليهالسلام زمانه ومكانه في حجة الوداع. وسمع رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه » (٢). وكان من المهنّئين له بالولاية أبو بكر وعمر ، ففي رواية قال له عمر : « هنيئاً يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة » (٣). وفي رواية قال له : « بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مسلم » (٤). وفي رواية أنّ أبا بكر وعمر قالا له :
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٢٦٩ ، وتاريخ الخلفاء / السيوطي : ٦١.
(٢) مسند أحمد ٥ : ٣٥٥.
(٣) مسند أحمد ٥ : ٣٥٥.
(٤) أسد الغابة ٣ : ٦٠٦ ، البداية والنهاية ٧ : ٣٥٠.