آخركم ، فبلاؤنا عندكم قديماً وحديثاً أحسن البلاء ، إن شكرتم أو كفرتم. أيها الناس ، إنّ ربّ عليّ كان أعلم بعليّ حين قبضه إليه ، ولقد اختصه بفضل لم تعتادوا مثله ، ولم تجدوا مثل سابقته ... وأيم الله لا ترى أمة محمد خفضاً ما كانت سادتهم وقادتهم في بني أميّة ... » (١).
عدم الاعتراف بشرعية سلطة معاوية :
لم يعترف الإمام الحسن عليهالسلام بشرعية سلطة معاوية في جميع المواقف ، فكان يسمّيه باسمه دون اضافة أي لقب إليه لئلا يضفي عليه أيّة صفة شرعية ، ولم يستطع معاوية اجباره على تسميته بالأمير أو الخليفة ، وكان الإمام عليهالسلام لايستجيب لأوامر معاوية ، فقد أراد منه أن يتولى قتال الخوارج من أجل اشغال المعارضة له بعضها بالبعض الآخر ، فأجابه الإمام عليهالسلام : « والله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين ، وما أحسب ذلك يسعني ؛ أفأقاتل عنك قوماً أنت والله أولى بالقتال منهم » (٢). وجاء في رواية أخرى أنّه عليهالسلام قال : « لو آثرت أن أقاتل أحداً من أهل القبلة لبدأت بقتالك فإنّي تركتك لصلاح الأمة وحقن دمائها » (٣). والدرس المستفاد من موقف الإمام عليهالسلام هو عدم شرعية حكومة معاوية وعدم شرعية الأوامر الصادرة منه ، اضافة إلى أولوية مجاهدة الحكومة الجائرة ـ عند توفر القدرة ـ قبل مجاهدة الفئات الضالة التي لا سلطان لها.
رفض مصاهرة الامويين وتبيان حقيقة الصراع :
رام معاوية مصاهرة بني هاشم ، وكتب لعامله مروان أن يخطب زينب بنت عبدالله بن جعفر ليزيد لعنه الله على حكم أبيها في الصداق وقضاء دينه ، وعلى صلح بني هاشم وبني أمية ، فأجاب عبدُالله مرواناً بأنّ الأمر بيد الحسن عليهالسلام ،
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٨.
(٢) شرح نهج البلاغة ٥ : ٩٨.
(٣) الكامل في التاريخ ٣ : ٤٠٩.