مقدمة المركز
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.. وبعد.
تمثّل الرسالة الإسلامية بكل تجلّياتها
الأُسس التي يبتنىٰ عليها المجتمع الإسلامي الصحيح ، والتي يرتكز عليها توازن الحياة في نفس الإنسان وعلاقته بمجتمعه وبالحياة كلّها ، والانفتاح الفكري والعملي على تلك الرسالة لا يكون من
دون الارتباط بالقدوة الرمز من خلال التأثير المباشر بما جسدته سيرته من صور مشرقة على مستوى الكلمة والحركة والموقف. قدوة يعيش الإسلام بروحه وعقله ، ويمتلك جميع القيم الإسلامية ، ويستوعب جميع امتدادات رسالة التوحيد ، مع الفهم الثاقب الذي لا يشتبه في شيء منها ، بحيث يكون رسالة تتحرّك على الأرض ، وعلماً يتفجّر على الدوام ، وحقّاً لا باطل فيه ، ووعياً للرسالة وأهدافها ومقاصدها وكأنّه قرآن
ناطق ليدلّ على معالم الطريق. ولا خلاف بأن تلك الصفات قد تجسّدت كلّها في شخصية الرسول القائد صلىاللهعليهوآله
، القدوة الفذّ الذي وقفت السماء لتؤيّده بكل قوّة ، حتىٰ استطاع من خلال ذلك القضاء على كل ما خالف التصور الإسلامي الصحيح للرسالة في حياته الشريفة ، ولم يكن هناك ثمة اختلاف كبير بين أصحابه صلىاللهعليهوآله
بفضل شخصيته الفذّة ، ووحدة المرجعية آنذاك المتمثّلة في شخصه العظيم في كل شيء ، فكان مناراً للهدى في كل حركاته وسكناته صلىاللهعليهوآله
؛ ولهذا لم يُظْهِر بعض أصحابه في حياته ما أظهروه بعد وفاته صلىاللهعليهوآله
، لعلمهم بأنّ إشارةً واحدةً منه كافيةٌ لإسقاطهم على مرِّ الجديدين. والدين الخاتِم الذي تكفّل ببيان شخص القدوة ، وحمّله ثقل الرسالة ومسؤوليتها ، وأمر الناس
ـ كل الناس ـ باتّباعه ، وحذّرهم من معصيته ، لأجل الحفاظ على رسالته الفتية لا
يعقل أن يهمل تلك الرسالة بعده ، ولا يحافظ على مستقبلها ، ولا يعيّن من سيكمل تلك المسيرة ، ويهدم كل ما بناه القدوة بترك الأمر للناس في اختيار القدوة الجديد
كيفما يشاءون حتىٰ لو لم يمتلك الحدّ الأدنى من شخصية الرسول القائد صلىاللهعليهوآله. وإذا كنّا نربأ بالقائد الحكيم أن يهمل أمر رعيته ، فحاشا لله أن يهملا ذلك ولرسوله ، ومن هنا لم
يكن أحد من الصحابة يستفسر عن هذا الأمر الخطير بعد سماعهم وفي مواطن شتّى من سيخلف النبي صلىاللهعليهوآله
في أُمته ، بدءاً من يوم الدار وانتهاءً بمرضه الأخير الذي توفي فيه صلىاللهعليهوآله.
نعم.. كانوا يعرفون قادتهم بعد نبيهم صلىاللهعليهوآله
وإنّهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ، وإنّهم مع القرآن الكريم ثقلان لا يفترقان حتىٰ يردا على النبي الحوض
، وأنهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى ، وانهم كباب حطّة من دخله