٤ ـ ظروف الإمام الحسن عليهالسلام :
وجد الإمام الحسن عليهالسلام نفسه أمام مرحلة
طويلة من الإعداد ، وإصلاح وترميم كثيرٍ من المواقع السياسيّة والعسكريّة ، وحتّى الاقتصاديّة والاجتماعية ، وهو يرى أنّه يقود جيشاً منهاراً عسكرياً ومعنوياً ، لا يمكن جعله منقاداً إلاّ باستخدام وسائل وأساليب كالّتي يستخدمها معاوية ، وهو عليهالسلام غير مستعدّ لاستخدام تلك الوسائل والأساليب غير المشروعة كالخداع والتضليل وشراء الضمائر بأموال المسلمين وإنفاقها على جماعة خاصّة كرؤساء القبائل وقادة الجيش ، فالإمام عليهالسلام
مقيدٌ بقيود شرعيّة حاكمة على جميع ممارساته ومواقفه. وليس هدفه البقاء في السلطة الآنيّة وإنّما هو جزء من حركة إصلاحيّة تنظر إلى الحاضر والمستقبل ، لكي تبقى المفاهيم والقيم الإسلامية هي الحاكمة على أفكار المسلمين وعواطفهم وممارساتهم العمليّة على طول الحركة التاريخيّة لهم. وكان عليهالسلام
حريصاً على المصلحة الإسلامية الكبرى ، ومصلحة أهل البيت عليهمالسلام وحيث وجد عليهالسلام
أنّه لا يستطيع ـ بحسب الظروف القائمة ـ أن يحسم الموقف لصالح الوجود الإسلامي ، ولا يستطيع القضاء على رأس الفتنة الّتي كان يقودها المجرم الطليق معاوية ، لذا أصبح أمام خيارين : إمّا الاستمرار في معركة خاسرة تؤدّي إلى إضعاف الكيان الإسلامي ككلّ أمام التحديات الخارجيّة ، أو الميل إلى الصلح وحقن الدماء ، والمحافظة على الوجود الإسلامي ثمّ ممارسة الإصلاح من الداخل. والخيار الأول يعني استيلاء معاوية على الحكم دون قيد أو شرط بعد مقتل الإمام الحسن عليهالسلام
وأهل بيته عليهمالسلام
والخيرة من أصحابه ، ومن هنا اختار عليهالسلام
الصلح على الاستمرار في المعركة ، مقيّدا بشروط فيها مصلحة الكيان الإسلامي وكيان الجماعة الصالحة التي تضمن للشريعة بقاءها واستمرار حياتها. فالصلح إذن جاء منسجماً مع تلك الظروف تماماً وإن حاول أنصار