عن إدراك كامل لما يجري من أحداث ومواقف ومدى سلامتها الفكرية والشرعية.
موقف الإمام الحسن عليهالسلام من أبي سفيان : صالح رسول الله صلىاللهعليهوآله قادة قريش على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهنّ الناس ويكفّ بعضهم عن بعض ، إلاّ أنّ قادة قريش نقضت بعض بنود الصلح بالاعتداء على خزاعة الذين كانوا في عقد رسول الله صلىاللهعليهوآله وعهده ، فقرّر رسول الله صلىاللهعليهوآله التوجّه إلى مكّة ، وحينما سمع أبو سفيان بالأمر توجّه إلى المدينة ، وأتى رسول الله صلىاللهعليهوآله فكلّمه في تجديد العهد ، فلم يردّ عليه شيئاً ، ثمّ كلّم بعض الصحابة فلم يستجيبوا له ، فتوجّه إلى الإمام علي عليهالسلام فدخل عليه فقال : « يا أبا الحسن تمشي معي إلى ابن عمّك محمد فتسأله أن يعقد لنا عقداً ويكتب لنا كتاباً ، فقال : يا أبا سفيان لقد عقد لك رسول الله عقداً لا يرجع عنه أبداً » ، وكانت فاطمة عليهاالسلام من وراء الستر والحسن يدرج بين يديها وهو من أبناء أربعة عشر شهراً ، فقال لها : « يا بنت محمد قولي لهذا الطفل يكلّم لي جدّه فيسود بكلامه العرب والعجم ، فأقبل الحسن إلى أبي سفيان وضرب احدى يديه على أنفه والأخرى على لحيته ، ثم أنطقه الله عزّوجلّ بأن قال : يا أبا سفيان قل : لا إله إلاّ الله محمد رسول الله ؛ حتى أكون شفيعاً » (١). وفي هذه الواقعة يتّضح شأن الحسن عليهالسلام وإدراكه العميق للأشخاص والأحداث ، فقد مارس عملية تأديب لأبي سفيان كان مستحقّاً لها لنقضه عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد دعاه إلى الإسلام لأنه العلاج الأساسي للأزمة التي حدثت ، فجعل شفاعته مشروطة بإسلامه.
فضائل الإمام الحسن عليهالسلام وإمامته :
أولاً ـ من القرآن الكريم :
أهل البيت عليهمالسلام عنوان مضيء في حياة الإنسانية وحركة التاريخ والمسيرة
__________________
(١) المناقب / ابن شهرآشوب ٤ : ٩ ، ونحوه في السيرة النبوية / ابن هشام ٤ : ٣٨.