رسول الله صلىاللهعليهوآله لثقيف ، كتب : أنّ لهم ذمّة الله الذي لا إله إلاّ هو ، وذمّة محمد بن عبدالله النبي ، على ما كتب عليهم في هذه الصحيفة : أنّ واديهم حرام محرّم لله كلّه : عضاهه ، وصيده وظلم فيه ، وشرق فيه أو إساءة ، وثقيف أحقّ الناس بوجّ ، ولا يعبر طائعهم ، ولا يدخله عليهم أحد من المسلمين يغلبهم عليه ... وشهد على نسخة هذه الصحيفة : علي بن أبي طالب وحسن بن علي وحسين بن علي ، وكتب نسختها لمكان الشهادة ». قال أبو عبيد : « وفي هذا الحديث من الفقه : إثباته صلىاللهعليهوآله شهادة الحسن والحسين » (١). واثباته صلىاللهعليهوآله شهادتهما عليهماالسلام وهما في ذلك السن لم يكن نابعاً عن هوى أو نزوة أو رغبة عاطفية لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله معصوم من جميع ذلك ، فكلّ عمل أو ممارسة تصدر منه إنّما تصدر عن وحي يوحى وعن تسديد إلهي ، بل هو إشارة واضحة إلى تكاملهما في جميع مقوّمات الشخصية ، خصوصاً وأن تلك الشهاة قد جاءت في قضية مهمّة تتحدّد فيها علاقات رسول الله صلىاللهعليهوآله مع ثقيف وهي من العشائر الكبيرة في عدّتها وعددها. ومن الأمور الملفتة للنظر إنّ الطرف الآخر وهو ثقيف لم يعترض على هذه الشهادة باعتبار صغر سن الحسنين عليهماالسلام ، وهذا إن دلّ على شيء إنّما يدلّ على قناعة ثقيف بأهليتهما الكاملة للشهادة وهما في هذا العمر المبكر.
ولا يخفى ما في هذا الأسلوب النبوي الفذ من إلفات النظر إلى تصحيح مواقف الحسن عليهالسلام المستقبلية والاعتراف بسلامتها العقائدية والتشريعية ، ومن هذه المواقف ـ التي سيأتي البحث عنها ـ شهادته لأمّه فاطمة عليهاالسلام في مسألة فدك ، ومنها قوله لأبي بكر ومن ثمّ لعمر بن الخطّاب « إنزل عن منبر أبي » ، فهي لم تكن شهادة صبي ولا اعتراض صبي ، بل هي شهادة رسالية واعتراض رسالي يعبّر
__________________
(١) الأموال / أبي عبيد القاسم بن سلام : ٢٠٥ و ٢٠٧.