المغيرة بن شعبة وآخرين فالتقوا به ، وحينما خرجوا قالوا : « إنّ الله قد حقن بابن رسول الله الدماء ، وسكنّ الفتنة وأجاب إلى الصلح ، فاضطرب العسكر ، ولم يشكك الناس في صدقهم » (١). وأشاع معاوية أنّ قيس بن سعد قد قتل (٢). وتوالت الاشاعات مما أدت إلى خلخلة جيش الإمام عليهالسلام وخلق الاضطرابات فيه ، وتشجيع أهل الأهواء والمنافع للالتحاق بمعاوية حيث بدأت بعض القبائل تلتحق به « قبيلة بعد قبيلة حتّى خفّ عسكره » (٣).
مراسلة معاوية للإمام عليهالسلام ودعوته لتسليم السلطة إليه :
بعد استمرار الفرار من جيش الإمام عليهالسلام والالتحاق بمعاوية ، وبعد تعرّض الإمام عليهالسلام لعدّة محاولات استهدفت قتله ، وبعد أن يئس الإمام عليهالسلام من حسم المعركة لصالحه ، وأيقن أنّ بقاء الأوضاع على هذه الحالة يؤدّي إلى قتله وقتل أهل بيته وأصحابه المخلصين ، جاءته وفود معاوية تدعوه للصلح ، ومعهم كتب رؤساء العشائر الّذين ضمنوا لمعاوية فيها قتل الإمام أو تسليمه إليه (٤).
وكان مع آخر الوفود صحيفة بيضاء ، مختوم على أسفلها ، بخطّ معاوية وختمه : أن اشترط في هذه الصحيفة الّتي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك (٥). ولما راسله معاوية خطب في البقيّة المتبقيّة من جيشه ، وأخبرهم بدعوة معاوية للصلح ، ثمّ قال : « فإن أردتم الموت رددناه عليه ، وحاكمناه إلى الله عزّ وجل بظُبى السيوف ، وإن أردتم الحياة قبلناه ، وأخذنا لكم الرضا » فناداه الناس من كلّ جانب : « البقيّة البقيّة » (٦). وكان من خطب الإمام الحسن عليهالسلام في ذلك الحين
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٥.
(٢) الكامل في التاريخ ٣ : ٤٠٤.
(٣) الفتوح ٢ : ٢٩١.
(٤) الإرشاد : ١٩٠ ـ ١٩١.
(٥) تاريخ الطبري ٥ : ١٦٢.
(٦) الكامل في التاريخ ٣ : ٤٠٦.