العطاء له مبرّراته الشرعية. لأنه جزء يسير رُدّ إليهم من أموالهم المغتصبة ، ولكن بصورة العطاء ، وقد يكون أخذ العطاء وسيلة لتوزيعه على مستحقّيه من الفقراء والمحتاجين ، بعد أن أصبحت طريقة التوزيع أمراً واقعاً لا يمكن اصلاحه أو تغييره. وفي جميع الأحوال فلا إشكال في استلام العطاء من قبل الإمام الحسن عليهالسلام.
دخول الإمام الحسن عليهالسلام في الشورى العمرية :
حينما طُعِن عمر في خاصرته واستيقن من هلاكه ابتكر لعبة الشورى في تعيين الخليفة من بعده ، حيث جعل الأمر شورى بين ستة نفر من الصحابة وأمر بقتل من لم يرضَ منهم بعد اتفاق أكثرهم على شخص معين (١) في قصة مضحكة يطول بيانها وكشف ما فيها من تدبير لوصول عثمان الأموي إلى السلطة. وكان قد أمر باحضار الإمام الحسن عليهالسلام قائلاً : « وأحضروا معكم الحسن بن عليّ وعبدالله بن عباس ، فإنّ لهما قرابة ، وأرجو لكم البركة في حضورهما ، وليس لهما من أمركم شيء » (٢). وكان موقف الإمام عليهالسلام هو المشاركة في الشورى ، ومتابعة أحداثها ، كموقف الإمام علي عليهالسلام وهو الدخول في الشورى ، حيث وجدا عليهماالسلام أنّ الخلاف في مثل هذه الظروف لا يجدي نفعاً لأنّهم قرّروا إزاحة الإمام علي عليهالسلام مرّة ثالثة عن موقعه ومنصبه الريادي في إدارة الحكم ، كما يفهم هذا من الامتيازات العمرية التي منحتها عبقريته لعبدالرحمن بن عوف ، وقد أدركا عليهماالسلام ان رفضهما الدخول في الشورى قد يصل إلى درجة قتلهما تحت عنوان إثارة الفتنة وما شابه ذلك ، والمهم من ذلك كله هو أن إشراك عمر للإمام الحسن عليهالسلام في الشورى اعتراف منه بمقامه ودوره في الحياة الإسلامية ، وقد انعكس موقف الإمام علي عليهالسلام من مكيدة الشورىٰ ونتائجها على موقف الإمام الحسن عليهالسلام في
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ : ٢٢٧ ـ ٢٣٩.
(٢) الإمامة والسياسة ١ : ٢٤.