جميع مراحل حركته تجاه الأحداث والشخصيّات والوجودات القائمة ، فكانت المصلحة الإسلامية العليا هي الحاكمة على قراراته ومواقفه ، فقد اقتدى بأبيه عليهالسلام في الصبر الجميل ، وفي مراعاة المصلحة العليا ، فكان لا يتردّد في اتّخاذ أيّ قرار ما دام يصبّ في المصلحة الإسلامية العليا ، وإن كان فيه حيف وظلم له خاصّة.
الإمام الحسن عليهالسلام في عهد عثمان بن عفّان
اعتراف عثمان بمؤهّلات الإمام الحسن عليهالسلام :
اعترف عثمان في زمان سلطته بعلم الإمام الحسن عليهالسلام وحكمته ، فقد ورد عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « إنّ رجلاً مرّ بعثمان بن عفّان وهو قاعد على باب المسجد فسأله فأمر له بخمسة دراهم ، فقال له الرجل ارشدني ، فقال له عثمان : دونك الفتية الذين ترى وأومأ بيده إلى ناحية من المسجد فيها الحسن والحسين وعبدالله بن جعفر عليهمالسلام. فمضى الرجل نحوهم حتى سلّم عليهم وسألهم ، فقال له الحسن : يا هذا إنّ المسألة لا تحلّ إلاّ في إحدى ثلاث : دم مفجّع ، أو دين مقرّح ، أو فقر مدقّع ، ففي أيّها تسأل ؟ فقال : في وجه من هذه الثلاث ، فأمر له الحسن عليهالسلام بخمسين دينارا ، وأمر له الحسين عليهالسلام بتسعة وأربعين ديناراً ، وأمر له عبدالله ابن جعفر بثمانية وأربعين ديناراً. فانصرف الرجل فمرّ بعثمان ، فقال له : ما صنعت ؟ فقال : مررت بك فسألتك فأمرت لي بما أمرت ، ولم تسألني فيما أسأل ، وإنّ صاحب الوفرة لما سألته قال لي : يا هذا فيما تسأل ، فإنّ المسألة لا تحلّ إلاّ في إحدى ثلاث فأخبرته بالوجه الذي أسأله من الثلاثة ، فأعطاني خمسين ديناراً وأعطاني الثاني تسعة وأربعين ديناراً وأعطاني الثالث ثمانية وأربعين ديناراً ، فقال عثمان : ومن لك بمثل هؤلاء الفتية أولئك فطموا العلم فطماً وحازوا الخير والحكمة » (١).
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٣ : ٣٣٢ / ٤ ، تاريخ الإمام الزكي الحسن المجتبى باب مكارم أخلاقه.