أن يدخل على ذي العرش أن يتغيّر لونه » (١).
٤ ـ الكرم : وهو صفة محمودة في جميع الأحوال وسائر الناس ، وانتصار على النفس والغلبة على الشهوة ؛ لأنّ النفس الانسانية مرتبطة باثقال الدنيا ، فلا يتعالى الإنسان على هذه الاثقال إلاّ بالكرم والجود ، والذي يدفع الإنسان المؤمن إلى الكرم والانفاق هو دافع أقوى من شهوة المال وقيود الحرص ، والطمع وهو دافع التقوى وحب الخير وحب الكمال والسمو ، والتقرب إلى الله عزّوجلّ.
والكرم صفة ملازمة للقيادة الصالحة الناجحة ؛ فبها يستهوي الناس ويشدّهم إلى ما يمليه عليهم من مفاهيم وقيم ومن نصائح وارشادات ، ويدفعهم لمراجعة أفكارهم وعواطفهم وممارساتهم واصلاحها حياءً أو قناعة في مقابل الكرم والجود والإحسان إليهم. وقد امتاز الحسن عليهالسلام بهذه الصفة وكان قمة في الكرم والجود والإحسان إلى الآخرين. فقد روى أنّه : « لم يقل لسائل قط : لا ، وكان لا يأنس به أحد فيدعه حتى يحتاج إلى غيره ، حتىٰ عُرِفَ عليهالسلام بكريم أهل البيت عليهمالسلام. واشترى حائطاً من قوم من الأنصار بأربعمائة ألف فبلغه أنّهم احتاجوا ما في أيدي الناس فردّه إليهم » (٢). وهذه ممارسات نادرة لم يحدّثنا التاريخ أنّ كريماً ـ من غير أهل البيت عليهمالسلام ـ لم يقل لسائل قط : ( لا ). ومن كرمه وجوده أنّه يوصل بعض الذين يكرمهم إلى مرحلة متقدّمة من العيش الكريم بحيث لا يحتاج إلى الآخرين ؛ لأنّ ما يحصل عليه يسعفه للاعتماد على نفسه وامكاناته. قال ابن كثير : « وقد كان من الكرم على جانب عظيم ، قال محمد بن سيرين : ربما أجاز الحسن بن علي الرجل الواحد بمائة ألف ». وقال : « وذكروا أنّ الحسن رأى غلاماً أسود يأكل من رغيف لقمة ويطعم كلباً هناك لقمة ، فقال له : ما حملك على هذا ؟ فقال : أنّي أستحي منه أن أكل ولا أطعمه ، فقال له الحسن : لا
__________________
(١) مختصر تاريخ دمشق / ابن منظور ٧ : ٢٥.
(٢) إسعاف الراغبين / الصبّان : ١٩٦ ، ( مطبوع بهامش نور الأبصار ).