طاعة الله ، فقال : أمّا مسيري إلى أبيك فليس من ذلك ، قال : بلى ، ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة ، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك ، ولو كنت إذ فعلت شراً قلت خيراً كان ذاك كما قال الله تبارك وتعالى : ( خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا ) (١) ، ولكنّك كما قال جلّ ثناؤه : ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) (٢) ».
ومن خبث معاوية أنه قال يوماً في مجلسه : « إذا لم يكن الهاشمي سخياً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن الزبيري شجاعاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن المخزومي تائهاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن الأموي حليماً لم يشبه حسبه ». فبلغ ذلك ـ الإمام ـ الحسن بن علي عليهماالسلام فقال : « والله ما أراد الحقّ ، ولكنّه أراد أن يغري بني هاشم بالسخاء فيفنوا أموالهم ويحتاجوا إليه ، ويغري آل الزبير بالشجاعة فيفنوا بالقتل ، ويغري بني مخزوم بالتيه فيبغضهم الناس ، ويغري بني أمية بالحلم فيحبهم الناس » (٣).
غدر معاوية واغتيال الإمام الحسن عليهالسلام :
أيقن معاوية أنّ بقاء الإمام الحسن عليهالسلام حيّاً يشكّل تهديداً واضحاً لنظامه القائم على أساس الخداع والتضليل وتزوير الحقائق وشراء الضمائر ، لأنه عليهالسلام الخليفة الحق والأعلم والأتقى والقمة في جميع مقوّمات الشخصية الانسانية ، وزيادة على مؤهلاته الذاتية فإنّه يتمتع بفضائل ومقامات وردت في القرآن الكريم وأحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفي مقابل ذلك يبقى معاوية باغياً طليقاً مبتزّاً متسلطاً غاصباً للسلطة والحكومة لا يملك أي مؤهلات سوى الخداع والتضليل وشراء الضمائر كمقوّمات لبقائه في السلطة ، وهو لا يستطيع الاستمرار في التسلط وممارسة الانحرافات المخالفة للكتاب والسنة ، وتحويل الخلافة إلى ملكٍ
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ١٠٢.
(٢) ترجمة الإمام الحسن عليهالسلام / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى : ٦٧ / ١٠٦. والآية من سورة المطففين : ٨٣ / ١٤.
(٣) مختصر تاريخ دمشق ٧ : ٣٢.