الطلقاء تغييب هذه الحقائق بشتى الأساليب كالكذب على رسول الله صلىاللهعليهوآله بأنه قال بشأن الإمام الحسن عليهالسلام : « إن ابني هذا سيد ولعل الله تبارك وتعالى أن يصلح به بين فئتين من المسلمين ». وهو خبر واحد لا يوجب علماً ولا عملاً تفرّد به الحسن البصري عن أبي بكرة ولم يروه أحد غيره (١) وأبو بكرة من المنافقين النواصب المنحرفين عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، وكان ـ قبّحه الله ـ يحرّض الناس على عدم البيعة للإمام علي عليهالسلام بعد هلاك عثمان (٢).
أسباب عدم اختيار موقف التضحية :
إنّ موقف الإمام الحسن عليهالسلام لابدّ وأن يكون منسجماً مع الأهداف المرحليّة والبعيدة المدى لمنهج أهل البيت عليهمالسلام ولحركة الإسلام العامّة ، لِتستتبعه نتائج إيجابيّة للمنهج والوجود الإسلامي معاً ، فاتخاذ الموقف بجميع ألوانه في سِلْمٍ أو تضحية مقيّد بقيود المصلحة الإسلاميّة العليا ، وتبعُ لها ، ومن هنا اختار الإمام الحسن عليهالسلام موقف التوقف عن القتال المؤدّي إلى التضحية للأسباب التالية :
أوّلاً : إنّ معاوية أحكم خطته وأظهر نفسه بمظهر المسالم المحبّ للصلح ، وحقن الدماء ، وإعادة الأُلفة بين المسلمين ، وأراد أن يُلصق بالإمام الحسن عليهالسلام رغبته في القتال وإراقة الدماء ، وقد استطاع أن يُدخل في عقول المسلمين هذه المغالطات ، فلو لم يستجب الإمام الحسن عليهالسلام للصلح لكان مخطّط معاوية سيجد له قبولاً ورواجاً ، وسيلقي المسلمون باللاّئمة على الإمام عليهالسلام وينسبون إليه حبّه للقتال وإراقة الدماء.
ثانياً : إنّ الظروف الّتي كانت تحيط بالامام الحسن عليهالسلام لم تكن في صالحه ،
__________________
(١) يُنظر هذا الحديث الموضوع في مسند أحمد ٦ : ١٧ و ٢٧ و ٣٠ و ٣٧ ، وصحيح البخاري ٥ : ٣٢ باب مناقب الحسن والحسين عليهماالسلام ، والمعجم الكبير للطبراني ٣ : ٣٣ ـ ٣٥ ، وسنن أبي داود ، حديث ٤٦٦٢ من كتاب السنة ، وسنن الترمذي ، حديث ٣٧٩٨ باب مناقب الامام الحسن عليهالسلام.
(٢) اُنظر : سير أعلام النبلاء / الذهبي ٣ : ٨.