فقد بيّن في هذا الشعر جملة من المفاهيم والقيم الصالحة لايصالها إلى مسامع الناس لتنفذ إلى عقولهم وقلوبهم ، وفي شعر آخر يتحدث عن الدنيا الزائلة فيقول :
ذري كدر الأيام إنّ صفاءها |
|
تولى بأيام السرور الذواهب |
وكيف يفرّ الدهر من كان بينه |
|
وبين الليالي محكمات التجارب |
وقال عليهالسلام :
قل للمقيم بغير دار إقامة |
|
حان الرحيل فودّع الأحبابا |
إنّ الذين لقيتهم وصحبتهم |
|
صاروا جميعاً في القبور ترابا (١) |
ويشير عليهالسلام إلى الزهد في الدنيا ؛ في المأكل والمشرب والملبس ، فيقول :
لكسرة من خسيس الخبز تشبعني |
|
وشربة من قراح الماء تكفيني |
وطمرة من رقيق الثوب تسترني |
|
حياً وإن متّ تكفيني لتكفيني (٢) |
ويتحدث عليهالسلام عن الشدّة والرخاء ، وعدم دوامهما ، فيقول :
لئن سائني دهر عزمت تصبراً |
|
وكل بلاء لايدوم يسير |
وإن سرّني لم أبتهج بسروره |
|
وكلّ سرور لايدوم حقير (٣) |
٦ ـ الهيبة : الهيبة التي يتصف بها القائد لها تأثير واضح على الاقتداء به من قبل الناس ، فهم يسعون للتشبه بمن له هيبة وسلطان عليهم ، وقد كان الإمام الحسن عليهالسلام يتصف بهذه الصفة إلى أقصى الحدود. قال محمد بن إسحاق : « ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله ما بلغ الحسن كان يبسط له على باب داره ، فإذا خرج وجلس انقطع الطريق ، فما مر أحد من خلق الله إجلالاً له ، فإذا علم قام ودخل بيته فمر الناس ، ولقد رأيته في طريق مكة ماشياً فما من خلق الله أحد رآه إلاّ نزل ومشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص يمشي » (٤). وقال واصل بن عطاء :
__________________
(١) مناقب آل آبي طالب ٤ : ١٩.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٩.
(٣) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٤١.
(٤) مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٠ ، وربيع الأبرار ٤ : ٢٠٩.