« أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن ومؤمنة » (١).
ومن جهة أخرى فأنّ الإمام الحسن عليهالسلام علم كيف تمت البيعة لأبي بكر ، وكيف تغيّب جميع الصحابة عن السقيفة وخصوصاً الزعماء الكبار منهم وعلى رأسهم أقرباء رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولم تكن شورى بل كانت مغالبة وصراع وتهديد بالقتل ، وإنّ الاحتجاج بالقرابة لا يجدي نفعا وعلي عليهالسلام هو أقرب الناس إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله. وقد اعترف أبو بكر بفقدان الشورى بالقول : « إنّ بيعتي كانت فلتة وقى الله شرّها » (٢). وقال عمر بعد حين : « لا يغرّن امرؤ أن يقول : إنّ بيعة أبي بكر كان فلتة فتمّت ، وإنّها قد كانت كذلك إلاّ أنّ الله قد وقى شرّها » (٣).
فلا غرو إذن فيما لو وقف السبط بوجه رأس السلطة قائلاً : « إنزل عن مجلس أبي » ، وبمعنى آخر إنزل أو تنحّى عن منصب الخلافة والإمرة ومنصب القيادة والإفتاء والتوجيه والإرشاد ، لأنّه من مختصّات أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وبهذه العبارة الموجزة بيّن الإمام الحسن عليهالسلام نظرية النصّ والتعيين لا نظرية الاختيار ، وبيّن أفضلية أبيه عليهالسلام وأحقيّته بالخلافة من أبي بكر ، وبهذا سلب شرعية السلطة الحاكمة والممارسات الصادرة عنها.
الإمام الحسن عليهالسلام وفدك :
عن أبي سعيد الخدري ، قال : « لمّا نزلت : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ ) (٤) ، أعطى رسول الله صلىاللهعليهوآله فاطمة فدكاً » (٥). وفدك هي أرض عائدة لفاطمة الزهراء عليهاالسلام إمّا بالنحلة أو بالميراث ، إلاّ أنّ الحاكم وهو أبو بكر قد صادر هذه الأرض وانتزعها
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٦٧.
(٢) شرح نهج البلاغة ٦ : ٢١.
(٣) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٩٠.
(٤) سورة الإسراء : ١٧/٢٦.
(٥) شواهد التنزيل ١ : ٣٣٩ ، مجمع الزوائد ٧ : ٤٩.