دخل عليّ عليهالسلام وجد عندها علماً بالتنزيل ، فيسألها عن ذلك ، فتقول : « من ولدك الحسن » (١). وهذا الحضور وفي عمر مبكّر يؤهّل صاحبه لأنّ يكون قمّة في العلم والمعرفة ، فقد كان الحسن عليهالسلام يستمع إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله برغبته ويصغي إليه فيحفظ ما يقوله من آيات قرآنية ومن أحاديث شريفة ، ولم يكتف بهذا الحفظ ، بل يلقي إلى أمّه فاطمة الزهراء عليهاالسلام ما حفظه ، فتأخذ به مسلمة بصحّة صدوره ، لمعرفتها وثقتها بالقدرة العلمية لولدها لأنّه ذو شأن عند الله ورسوله صلىاللهعليهوآله. وكان الحسن عليهالسلام يبادر رسول الله صلىاللهعليهوآله بالأسئلة ليتعلّم منه ما يحتاجه من علوم ومعارف في مختلف جوانب الحياة الإنسانية ومنها الارتباط الروحي برسول الله صلىاللهعليهوآله وآثاره الإيجابية. قال الإمام الصادق عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام « بينا الحسن بن علي عليهماالسلام ذات يوم في حجر رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ رفع رأسه فقال : يا أبة ما لمن زارك بعد موتك ، قال : يا بني من أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة ، ومن أتى أباك زائراً بعد موته فله الجنّة ، ومن أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة ، ومن أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة » (٢).
حضور الحسنين عليهماالسلام بيعة الرضوان : من أساسيّات المنهج الإسلامي الاعتماد على الأمّة في إنجاح المسيرة التكاملية لحركة الإسلام الواقعية ، ومسؤوليّة إنجاح المسيرة تكليف عام يشمل جميع المكلّفين القادرين على العمل والنشاط والفاعلية ، ومن هنا جاءت البيعة تعبيراً عن توزيع المسؤولية بين القائد وبين الأمّة ، وكان لها دور كبير في انطلاقة المسلمين في العهد النبوي ، ولأهميّتها عمل بها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وطلب من المسلمين أن يبايعوه في مواقف عديدة ومنها بيعة الرضوان ، وكان جابر بن عبدالله يقول : « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٣ : ٣٣٨ / ١١.
(٢) روضة الواعظين / محمد بن الفتّال النيسابوري : ١٨٦.